التصنيفات
رؤى

قلوب ومرايا

“التذاكر في الواقع تشبه بعض الخدمات التي تقدم، كالواسطة لبعضهم، أو الحماية لآخرين، أو الدفع مقابل السفر والمتعة والطعام لفريق ثالث”

 

حين أتكلم عن القلوب هنا فسيكون للأرواح نفس المعنى، وستؤدي كلها إلى الشخصية وصفاتها.

هناك أنواع من المرايا، يمكن تقسيمها كالتالي:

* المرايا الخادعة وهي التي تستخدم في قاعات السيرك وتعطي تنوعاً يظهر في اختلاف الصورة التي تعرض عليها للشخص الواحد، فهو هنا طويل نحيل، وهنا قصير بدين، وهنا عريض طويل، وفي كل مكان ينظر الإنسان سيرى صورة مختلفة، وهو في الحقيقة شخص واحد فأين صورته الحقيقة؟ ربما لم تكن معروضة في أي صورة مما شاهد.

هذا النوع الخادع من المرايا نقابله كثيراً في حياتنا، ويتأثر بكل المعطيات، هو في الحقيقة رفيق سيئ ارتبط بنا لمصلحة، تماماً كمصلحة السيرك من بيع التذاكر للزوار، ومن ثم يدخل الناس للمتعة، ولابد أن تعرض عليهم المرايا هذه الصور فيضحك المشاهد، وبالتالي يحقق نوعاً من الرضا مقابل مادفعه للسيرك.

التذاكر في الواقع تشبه بعض الخدمات التي تقدم، كالواسطة لبعضهم، أو الحماية لآخرين، أو الدفع مقابل السفر والمتعة والطعام لفريق ثالث، وسيكون دوره في المرافقة تماماً كالمرآة الخادعة، يعرض عليك صوراً هي أبعد ماتكون عن صورتك الحقيقة، ولن يسمعك مايجعلك تغضب منه، بل سيكون حريصاً على أن تسمع ماتريد.

من مزايا هذه المرايا أنها تسعد من حولها، ومن عيوبها أنها كاذبة.. بغض النظر عن أسبابها وأهدافها فهي لم تعرض الحقيقة، ولم تكن انعكاساً صادقاً لما ترى.

* المرايا التي تستخدم في حياتنا اليومية، وهي مختلفة الأنواع، يزينها إطار يشبه قدرتنا على عرض الحقيقة بصورة محببة للآخرين، وهي جزء من ديكور عام تمثل فرق العمل والحياة بمعطياتها. تختلف الأحجام، وبالتالي تختلف المساحات العاكسة، أي أننا بحسب مستوانا التربوي نتمكن من توجيه الآخرين، وكلما ازددنا تأصيلاً كلما كنا أقدر على التوجيه.

الأحجام، الأشكال، الأماكن التي تكون فيها المرايا، كلها فروق فردية بين شخصية وأخرى، وتختلف النتيجة بحسب المواصفات. قد تعرض جزءاً من الحقيقة، وقد تعرض الحقيقة كاملة. والأمر أيضاً يعتمد علينا في مدى رغبتنا في التعرف على عيوبنا والنظر بجدية في المرآة.

من مزايا هذه المرايا أنه يمكن توفيرها في كل مكان، في البيت، المكتب، النادي، السيارة، وكل مكان نتواجد فيه، تماماً كالصديق الأمين الذي يعكس سلوكياتنا ويوجهنا، ولكن من عيوبها أنها لاتعطي الصورة الكاملة والكافية للتوجيه وتوضيح العيوب.

* مرايا متخصصة يمكن أن تستخدم في المراقبة، وتسمح لمن في الخلف بمشاهدة كل مايفعله المقابل.. هذه المرايا تتمتع بخاصية المشاهدة، وكذلك تسمح للأخرين أن يكتتسبوا شيئاً مميزاً، فالمربي كما يعّلم الآخرين ويعكس لهم أنفسهم فإنه يستفيد من التنوع السلوكي، وكلما زاد تميزه التربوي كلما نظر إلى الوجه المنعكس فيه بنظرتين:

– نظرة التوجيه الطبيعية التي تسمح للمقابل أن يصحح مافيه من أخطاء.

– ونظرة الاستفادة من التجارب واكتساب صفات قد لا تكون موجودة فيه.

من مزايا هذه المرايا التميز والتخصص في الصناعة، ومن عيوبها الندرة، فقد لاتتوفر في كثير من الأحيان.

يمكن للشخص الناظر إلينا (كمرايا) أن يحطمنا إذا رغب، وبالتالي لن يرى شيئأً يزعجه، وكذلك الأمر في التربية، حين يرفض البعض قبول رأي يخالفه، وتكون النتيجة أنه مهما نظر إلينا فلن يرى من خلالنا إلا صورة متكررة لجزئية فيه، تماماً كانعكاس وجهه على قطع المرايا المتناثرة. وتبقي الحقيقة في عيون الآخرين سواءً رغبنا في مشاهدتها أم قمنا بتحطيم المرايا من حولنا.

 

(الصورة بعدسة: ديبو )