التصنيفات
تربويات

عاص محب ولا شهود

شرب الخمر.. فعوقب.. ثم سار في شوارع المدينة لا يلتفت لأحد..

ثم شربها وعوقب ثانية وسار وابتعد.. وأراه وقد تسلق قمم الجبال هارباً من نفسه وقومه..

وعاد للمدينة.. ورآها فعاد إليها.. وعاد إليه الحد مرة أخرى..

وقف مطأطأً رأسه.. خلفه رسول الله وصحابته يجلدونه.. وغضب منه البعض.. ورماه البعض بكلمات لابد وأن تخرج في مثل الموقف..

جلبت العار على المدينة..؟

ألم يؤثر فيك الإسلام..؟

ألم تنفعك الصحبة..؟

ألم.. ألم.. والألم يزداد في نفسه مع كل ألم ترمي إليه..

ويقطع التساؤلات صوت البشير النذير..

لا تسبوه.. إنه رجل يحب الله ورسوله..

اليوم تعاد صور الأنصار..

في رجال صغار صغار.. يمزقهم الألم شوقاً لأولئك العمالقة..

ونقع في معصية نبكي مجاهدة لها.. ولا راد لضغطها على النفوس..

ونقع ثم نقع ثم نقع.. وكلما وقعنا وأردنا العودة.. لم نجد شهادة بمحبة سكنت القلوب..

ها أنذا ثانية يا أنا..

على خطى البررة أسير وإن كنت من العصاة..

وكلما وقعت طويت نفسي على نفسي..

لغياب الشهادة التي تثبت القلوب في خطى المحبة..

والذكريات خناجر تجتاحني *** لا كف تمنعها سوى كف القدر

يا أنا..

لم الغريب يطيل البعد في سفر *** يرنو إلى الدرب في يأس ويحتار

يمضي وحيداً. كأن الأرض خاوية *** لا خل فيها ولا صحباً فيختار

لم أتسأل.. ولو تسائلت لعرفت الجواب..

بل تعجبت من شأنه وكل الناس حوله..

يختار لنفسه البعد..رحمة بنفسه وبهم..

 

(الصورة بعدسة: عبدالله الشثري)