التصنيفات
القصيدة

أحلام الطفولة

كالطفل بأوراقي ألعب..

ألقيها في يأس حيناً..

أو أرسم بدواتي سطراً..

هذا اليأس وهذي الحيرة..

تحكي عن صافي أشواقي..

الحب بقلبي يا أمي..

والشوق بدربي ياأملي..

وعلى أطياف الذكرى..

تعبر أحلام الأطفال..

طفل يجري يعبر نهراً..

يصنع زورق..

يبحر في عمق النسيان..

طفل يصعد سفح الجبل..

ويتابع فيه القطعان..

في قريتنا صف جبال..

خضراء كلون التفاح..

وقلوب القرية يا أمي..

تغفو في دعة وأمان..

ما زلت أفكر في طفل..

يجري في الأسطح جذلان..

يرمي حبات الرمان..

يصطاد حمام الجيران..

طفل آخر يقرأ ورقاً..

كفقيه القرية فرحان..

ينظر شزراً..

يملأ حبراً..

ليقال فقيه البلدان..

أحلام القرية يا أمي..

تجتاح فؤادي الولهان..

والدمع يغالب أحلامي..

يغمرني فيض التحنان..

ماقصة أحلامي هذه؟..

أو كيف تمر الأيام؟..

الشمل تشتت يا أمي..

والجبل الأخضر عريان..

لا نبتاً يكسو قمته..

والنهر يعاف الجريان..

والبيت تهدم والأسطح..

ونسينا أحمد فرحان..

القرية ماعادت قرية..

والرمل طواها والجان..

يا أمي..

حتى أطفالي..

يأبون حياة البستان..

الكل تغير يا أمي..

وبقيت كموج الشطآن..

الذكرى تحملني دوماً..

تضربني في صخر الأزمان..

الحب تغير يا أمي..

والروح طواها النسيان..

وعلى أشلائي تنمو..

أحلام الماضي الوسنان..

وأعود أداعب أطفالي..

أخفي في قلبي النيران..

 

(الصورة بعدسة: عبدالله الشثري)

التصنيفات
رسائل إلى نفسي

مشاعر وعناوين..


18/5/2011م

المنزل (الصالة).. الساعة 2:30 عصراً

أفتح جوالي وأمر على قائمة طويلة من الأسماء، تزيد عن 500 اسم، أفتح جهازي وأنظر إلى العناوين البريدية تزيد عن 700 عنوان، ولأنني أتعامل مع الكلمات ثلاثية الأبعاد فلكل اسم صورة تنطبع في ذهني، وشريط من المشاعر والذكريات، لكل اسم تعبير يخصه، هنا ابتسامة، وهنا تكشيرة، وهنا ضحكة خفيفة، وهنا شتيمة. المشاعر لايشترط أن تكون إيجابية قحة، عاطفية مكتملة العاطفة، كما لايشترك أن تكون عدائية متوثبة، يحكم المشاعر طبيعة العلاقة والمواقف مع الاسم المعروض.

أقضي لحظات الانتظار في مراجعة الأسماء وإنهاء بعض المكالمات، مئات الأسماء من الرجال والنساء، وروابط غريبة خفية كالموجات التي ينقلها الجهاز تجسدهم أمامي.

ثلاثية الأبعاد التي أتعامل بها تجعل الاسم روحاً تمشي، تحدثني، أرى حركات الجسد وكأنه واقف أمامي، أشعر بأثر الابتسامة، ونظرة التشجيع أو اللوم، أو حتى العاطفة.

القدرة الكبيرة على التخيل والتحليل نعمة من الله، وبقدر مافيها من تميز فإنها متعبة في بعض الأوقات. في بعض الأوقات لاتقبل تصرفاتنا ممن حولنا، ربما لأنها تكون صدمة لهم، وربما لأنهم صدمة لنا. تعلمت الصدمة المشتركة في التعامل، هذا لايعني بالضرورة وجود خلل في طرف من الأطراف، ولكنها الخيارات الغير متوقعة، ومدى استيعاب كل طرف وبعد نظرته للأمور من حوله. يمكن كذلك ملاحظة الفرق في الأرواح القريبة التي تقبل الأحداث بكافة تفاصيلها، ثم تتعامل معها بطريقة تعالج الموقف وتبقي المودة.. ولمثل هؤلاء يكون الحنين ورسائل النفس ومساحات الظل ومعاني البعد القريب.

نحتار أحياناً في تحديد توقعاتنا ممن يحيط بنا ربما لأننا لانعرف مالديهم.. مع الأيام ستتكشف الأمور ويكون الاختيار أسهل.. ونعجز في أوقات أخرى عن تحديد ماذا نريد بالضبط منهم، لأننا لانعرف ماذا نريد، الأمر هنا يعود إلينا، إلى مستوى صراحتنا مع أنفسنا.. إلى تحديد احتياجاتنا وترتيب أولوياتنا. في بعض الأوقات نعرف مانريد ولكن نخجل من المصارحة وتوضيح ذلك.. نظن أننا في أمان أكثر حين نتكتم.

قليل هم من يكونون كأنفسنا ويعرفون مانريد، حين نختص إنساناً بأسرارنا فلأننا نثق فيه لدرجة مكاشفته بذواتنا.. كل أسرارانا موقعة بإهداء لإنسان ما، تماماً كمجموع الخبرات التي حصلنا عليها بتواقيع الآخرين.. نعطي من قلوبنا من يحمي قلوبنا، من يكون دماً لها لكي تنبض. إذا لم نجد في واقعنا القلوب النابضة فمن الصعب أن نجدهم في قائمة اتصالات أو قائمة بريدية.. ولو وجدناهم فهل سيحققون فعلاً القرب لنا لدرجة تبعث الدفء في قلوبنا؟

(الصورة بعدسة: رهف الشبل)

التصنيفات
همسات

التأريخ الأبرص


“نحن شامة في جبين التأريخ”.. تكررت هذه العبارة في أكثر من دولة، أكثر من جنسية.. فهل نحن شامة بيضاء في جبين تأريخ أسود؟ أم شامة سوداء في جبين تأريخ أبيض؟ في كل الأحوال قد نكون سبباً في تشويه وجه التأريخ..

–        فالشامة البيضاء في الوجه الأسود تشبه البرص.

–        والشامة السوداء في الوجه الأبيض جميلة، ولكن كثرتها (بحسب الدول الشامات) تفسد الوجه ويصبح أبلقاً.

مالذي يجعلنا نشعر باستقلالنا كأمة لاترتبط ببقية المسلمين؟ قد يعود ذلك للأسباب التالية:

  1. غياب الأمة الواحدة التي تتبع ديناً واحداً وتنتمي إليه.
  2. النظر إلى العروبة على أنها الممثل الوحيد للإسلام.
  3. الشعور بالفوقية وانتقاص الأخرين.

هذه الأسباب تعطي دلالة واضحة على غياب بعض مفاهيم الدين، سواء جهلاً به أو تقليداً لمستعمر ورضىً بمنهجيته المخالفة.

كل مايستهوينا في المناهج المختلفة يأخذ صورة من ثلاث صور:

  1. مايدخل في مجال الدين.. وهذا الأمر تحكمه الشريعة وفي الدين غنىً عن المخالفين.
  2. مايدخل في مجال المندوب المستحب.. فهذا ستطلبه الطبيعة ولا يخالفه الدين بل يدعوا إليه.
  3. مايدخل في الذوقيات.. فالواقع يوجهه ويحدده وهو نسبي يختلف باختلاف معطيات كثيرة.

وبلا عودة للمفاهيم الصحيحة للدين قد نكون شامة بيضاء في وجه أسود، أو شامة سوداء في وجه أبيض.

(الصورة بعدسة: سديم البدر)

التصنيفات
أكواخ الظلام القصة

العجوز

بدا لي أن صديقي كان خبيرًا بهذه الطرقات المظلمة.. ولولا أن الجو كان ممطرًا لاستطعت أن أرى أن الطريق متسخة جدًا.. كنت مستمتعًا بالرحلة على كل حال.. لم تكن هذه زيارتي الأولى لتلك المدينة.. لكنها كانت بلا شك زيارة متميزة.. تعرفت فيها على إبراهيم.. الذي بدا للوهلة الأولى غريب الأطوار.. ولكنك بمجرد أن تتعرف عليه ستعلم أنه ذو قلب أصفى من الماء.. وأرق من النسيم.. لم أعد أستغرب حديثه الدائم عن الجدة فوزية.. تلك المرأة الثمانينية التي كان يتكلم عنها بحماس غريب، فقد كان يجد عند تلك العجوز نوعًا من الراحة والأنس لم يستطع أن يعبر عنه بأكثر من حركات منفعلة من يديه.. ودمعة تترقرق كلما تحدث عن هذه الأسر البسيطة.