التصنيفات
رسائل إلى نفسي

الطفل..

22/5/2011م

المنزل (الصالة).. الساعة 1:30 ليلاً

يظل داخل الإنسان طفل، أنا لا أنكر الطفل في داخلي، لماذا أنكره وهو مرحلة نتمنى العودة إليها كلما شعرنا بالحنين للأيام الجميلة. حين كنا أطفالاً كنا نفعل كذا، وحين كنا صغاراً كنا نقول كذا، فعلنا هذا، وذهبنا هنا، قمنا بـ..، وهكذا نتكلم عن الطفولة ونحن نبتسم.

حين نكبر نبتسم للأطفال بقدر مانقمع الطفل في داخلنا، لذلك أطلقت عنان طفولتي، حين أكون في المكتب فأنا الرجل في مكتبه، وحين أكون بين أولادي فأنا الأب بينهم، وحين يأتي وقت الطفولة فأنا أكبر الأطفال وأكثرهم حركة ومشاغبة. وهكذا بدأت أجد صفاء الابتسامة وحلاوة الدلال، ولذة الحركة.

الطفولة لمن حولنا تحمل الكثير، الأنس بهم، الشعور بالأمان معهم، الحاجة إليهم، الفرح برؤيتهم، ألا تجدون في هذا كله مبرراً لإظهار الطفل في داخلي؟

قررت أن آنس بما حولي بدل النفور منهم، وأطوي غربة تمزق أعماقي في مكانها في مساحات الظل، فمن حولي لايشعرون بها ولن يهتموا فلماذا أكشف أوراقي أمامهم؟ شارك من يستحق المشاركة فقط.. لاتعط من حولك شيئاً لايقدرونه.

قررت البحث عن أمان لأنجز أعمالي بدلاً من الخوف الذي يجعلنا نتلفت ونشك في كل كلمة وكل حركة من حولنا، ولماذا أصر على الخوف ومساحات الأمان واسعة، قد يطمعون ولكن غالباً لن يؤذونك بعمق، حتى بعض الإيذاء من حولك بسيط لايتعدى خدشاً في ظاهر جلدك.

قررت أن أتكامل معهم، فمن منا يستطيع عمل كل شي بمفرده؟ هل سيكون كلنا طبيباً؟ كلنا مهندساً؟ كلنا فلاحاً؟ كلنا عالماً؟ الكثير ممن أعرف لايستطيع عمل قطعة خبز لنفسه، ولايتعارض هذا مع العزلة، فحتى في الطريق الصحراوية نقابل رحالة أخرون فنشير لهم بأيدينا لنمد معهم جسور ثقة، فنجعل الجسور لمن حولنا.

قررت أن أفرح، على الأقل سأبتسم، من سيمنعني؟ من سيهتم؟ حقيقة قليل من سيشعر بها فلماذا التجهم؟ لماذا يضيق صدري وأحصد كلمة جارحة ممن حولي لعبوسي وقلة تواصلي معهم؟ كرجل “عنيد” سأستشعر التجلد وإظهار الفرح لمن حولي.

من صفاتي أنني مستمع جيد “في الغالب”، يقول البعض عن تعابير وجهي أنني “صيني التعابير”، أي لايفهمون ماذا أريد، مارأيي في كلامهم، ولكن هذا الوجه ينقلب حين أشم رائحة عطره ليتحول إلى ابتسامة وشعور بالسعادة، تتغير الملامح حين أرى حبيباً إلى قلبي وتقرأ في خطوط وجهي تعابير اللهفة والشوق.

أنا رجل يحسن الحب كما يحسن العمل وأكثر، وبدأت أعلم نفسي الطفولة والانطلاق، لايهمني مايراه الآخرون في أنفسهم فلست فارضاً على أحد رأيي، ولايهمني أن يتكون الناس مثلي، فلن أكون مثلهم ولن يكونون.

 

(الصورة بعدسة: غدير محمد)