التصنيفات
رسائل إلى نفسي

التدين

pexels-photo-87500

30/07/2012م

منزل أنسابي (الملحق).. الساعة 03:30 فجراً

في حياتي يوجد عدة مراحل.. لم أكن اركز على التجارب في بعضها، كنت أعيش كما يعيش شاب منطلق في سني.. الاهتمام بالتأمل والتدوين جاء متأخراً، قبله كانت هناك مراحل التغيير.. المرحلة التي كنت أرى المواقف فيها وأسجل التفاعلات المختلفة معها وأبدأ أرسم مساري من خلال ما أراه حولي وأؤمن به. حتى موضوع الإيمان لم يكن واضحاً بقدر وضوح الإعجاب بالمواقف وردات الفعل، الإعجاب العاطفي في كثير من مبانيه،

العقلاني في بعض أجزائه، ومع الأيام بدأت الأمور تأخذ مساراً أكثر عمقاً، وبدأت القناعات المتكونة عن الإيمان في الظهور، ولكن حجم التجارب السابقة الغير مسجلة لم يضع هباءً بفضل الله.

كان ذلك رصيداً يظهر حين الحاجة إليه، أو حين رؤية المواقف المشابهة، شيئاً ما يذكرك بحدث فيوجهك للتصرف بشكل معين، وهكذا كان لدي مخزون كبير من المواقف، من الأحداث، من الأسماء، من الأماكن، من المشاعر، من الأوقات.

ولكن لم يؤثر شيء في قناعاتي كتأثير السفر والتعامل مع مجتمعات جديدة بالكامل، في السفر رأيت كيف يمكن أن يكون أقل الناس تديناً في ظاهره أكثر الناس حباً للدين، ببساطة يقدم أقصى ما يملك لأجل دينه، صحيح أنني رأيت قناعات غريبة حول التدين كالرجل الذي يقضي حياته في العبث فإذا وصل لسن معينة ذهب إلى الحج وبدأ حياة جديدة يرسم خطاها بين بيته وحقله ومسجد تقام فيه الصلاة اليومية وحلق الصوفية في المناسبات.

رأيت في السفر كذلك بساطة في الناس، لايعاديني الناس بسبب ديني، هم لايعرفون من أين أنا، أو ماهو ديني، وأحيانا يعرفون شيئاً مشوهاً لايرقى ليكون صورة كاملة تمثل من أنا أو بماذا أؤمن، عدت لأوراقي من جديد وبدأت أعيد الترتيب، لأقبل كل الموقف التي مرت بي، من حق من يؤمن بي أن يؤمن، ومن يكرهني أن يكره، ومن يعارض أن يقول مايريد، ولكن لايفرض علي قناعته.

عدت للاستقرار برصيد نوعي من تجارب الرحلات، ولكنني نظرت لواقعي مرة أخرى لأكتشف كم نجهل الواقع، وكم يمكن أن ننقل من تجربة أو نطبق نظرية، وهكذا بدأت أعيد ترتيب الأوراق من جديد، ومع الأيام أكتشف الجديد، وأعيد النظر للقديم وأعيد الاختيار بعد كل مرة، أو أصحح أسلوباً في اختيار قديم.. ولم أجد أفضل من البساطة والوضوح، ولم أتوقع أن تكون هذه البساطة والوضوح سبباً جديداً يفرض مسارات حياتيه مستقلة بدل أن تكون وسيلة في مسارات سابقة.

في الحياة نكسب ونخسر، هذا أمر متوقع، ولكن أصعب الخسائر التي تؤلمنا هي ماتكون مكافئة يقابلنا بها الآخرين في وقت كنا نظن أننا نقدم أفضل مالدينا، كم مرة وقفت لأراجع نفسي في منهجية اخترتها بعدما صدمت من ردات فعل الآخرين مقابلها، كنت أعمل بنظام مصفوفة، احداثيها السيني الفعل، والصادي السلوك، وأبدأ أعيد الدراسة بعد كل مرة لأكتشف أين الخطأ، ولم يخطر في بالي أن الخطأ ليس بالضرورة أن يكون في السلوك ولا في الفعل، بل في المقابل في كثير من الأوقات، فالبعض يحب أن يحيا في الوهم ويرفض أن يقبل الحقيقة، والبعض يفضل أن تكذب عليه وتقول له مايرضيه من أن تكون واضحاً وصريحاً وتقول له مالايقبله أو مالايريد سماعه، كان ألم الاختيارات الصحيحة مضاعفاً، فأنت ستخسر ليس لسوء مالديك، ولكن لقوة ماعندك.

الأمور تأخذ طابع البساطة عندي، هل هي لامبالاة؟ لا أدري، ولكن لا اهتم كثيراً، المهم عندي مراقبة المصفوفة والتأكد من سلامة المعادلات، المهم أن أقوم بالتصرف الصحيح بالأسلوب الصحيح، وبالرغم من ايماني بالنسبية فلست ملزماً بتقييم الآخرين، سيحكم كل إنسان بقناعاته وبما يؤمن به، وكذلك سأكون، هادئاً في تفكيري وتحليلي.. ومؤمناً بما اختار.

 

الصورة بعدسة:David McEachan

 

رخصة المشاع الابداعي
هذا المُصنَّف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي نسب المصنف – غير تجاري 4.0 دولي.

بواسطة عبدالله السعد

بين يوم ولادتي وحياتي الحالية أحداث كثيرة..

ماسأدونه هنا بإذن الله يمثل قطعاً من البزل..

ومجموع القطع يصور سيرتي الذاتية..

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.