هذه الأيام أفكر كثيراً في الأمازيغ.. ليست الفكرة العامة عن المغرب العربي، بل فكرة خاصة وبحث خاص، أحاول تخيل الخارطة الأفريقية وتتبع مساراتهم في تضاريسها المتنوعة، كان العَلم قائداً جيداً لي ومن خلال ألوانه اكتشفت أمرين:
- تنوع أعراقهم.
- بعض صفاتهم الشخصية.
الأشكال ذات دلالات لاينبغي تجاوزها، بعض الطقوس القديمة تحمل أسرار التاريخ وقصة الجذور.
عدت لساحة الفناء في مراكش فقد أقرأ أكثر في التنوع الموجود في المنطقة، كانت محطتي الأولى،
خلعت ثياب السائح والمعلم وانغمست بينهم كواحد منهم، لن تساعدني اللهجة في الوصول فآثرت الصمت عدا من الكلام مع مرافقي، المهندس الإنساني الرائع الذي عاش معظم المراحل التي يمكن أن أحتاج إليها.
المغرب الساحر كتاب مفتوح، هكذا يتوهمه القارئ، لكن مشكلته أنه يتشكل في عينك حسبما تريد، أو ربما مشكلتك، فالكتاب المفتوح مليء بالطلاسم ولحلها يجب أن تسأل، أن تدرس، أن تعرف، كل شيء أمامك ولكن كيف تراه، بعد فترة ستشعر بالإعياء، تموت عطشاً في صحرائه وأمامك كل الموارد.
أحاول الهدوء وبطبيعتي الإدارية أكوّن جداولي الموضوعية والمنطقية، حتى بعض الأمازيغ لم يجبني حين سألته، نحتاج في بعض الأوقات إلى عين تشاهدنا من الخارج، من الأعلى، تحاول التعرف على العلاقة بين الأمازيغ أنفسهم وعلاقتهم بالآخرين، وعندها القدرة على الاستنباط والتعبير.
القاعدة في الترابط القبلي مشتركة بين النظام القبلي أينما كان، هذا سيسهل عليّ القراءة أكثر من بعض المغاربة والباحثين، ولكن الموضوع يحتاج إلى مسارات تعمل بشكل متوازٍ، فالبحث يجب أن يبدأ من النواة، من الرجل الأمازيغي الأول لذي أسس كل هذا، تماماً كما نتكلم عن قحطان وتفرع العرب منه، ثم سنتحرك من خلال علم الاجتماع وعلم الإنسان لتتبع كل عرق سيظهر لنا، ولابد من مؤرخ يستخرج لنا الأسباب والنتائج من الأحداث.
بعدها سأحتاج إلى جغرافي يرسم لي الحركة وخطوط السير والتنقل في كل المناسبات، الحروب، التجارة، المعيشة، الكثافة والاختناق السكاني، وفرص اكتشاف العالم الجديد، ومعه سأحتاج إلى فريق متعدد التخصصات، هذا نفساني ليقرأ الدوافع ويتنبأ بالسلوك أو بالأسباب خلف الأفعال. وهنا اقتصادي ليتنبأ بواقع المسارات وتأثيرات المناطق، وهذا لغوي، وهذا ديني، ومن خلالهما سأصطاد التغيرات في أهم عاملين يعطيان الهوية، ويقود الفريق حكيم ليقيم الاختيارات ويتنبأ بالنتائج بموضوعية ثم يقارنها بالنتائج الواقعية.
تشعر بالصداع وأنت تفكر في هذا كله وأنت في العنصر الأول من الدراسة الأمازيغية، ماذا سيحدث لو انتقلت إلى المعرفة ومناهجها بين التعليم والتدريب، والتخصصات ومعاييرها وأصولها ودوافع الاختيار والفرص المتاحة والعرض والطلب ووو وأحاول التوقف عن التفكير والكتابة.
ماذا سأفعل لو دخلت في الصناعة وربطتها بالأعراق والدوافع السابقة كلها ومستوى التعليم والتأهيل وتأثير العادات على الاختيار، والنتيجة الأهم من هذا كله تلبية الاحتياجات وتأثير ذلك على الفرد في قبوله ورده من مجتمعه أو بقية الأعراق.
بل لو عدت إلى العنصر الأول وقارنت بين مراحل الأمازيغي وجنسه ورأيت مصفوفة الجنس والمناطق، أو مصفوفة الجنس والتعليم، أو مصفوفة المسارات المهنية والأعراق، أو غير ذلك.
يمكنك أن تتعامل مع الأمازيغ لتعرف سبب عداء الاستعمار لأمة من البدو تبنت الإسلام بقناعة ودافعت عنه بجسارة غير ملزمة بشيء ولا مكرهة عليه وتمكنت من دمج كل الأعراق الأمازيغية في هذه المعركة بامتداد المكان والزمان وبرغم كل التنوع والفروق.
ليتني أسمع من الأمازيغ شيئاً من هذه التفاصيل.
هذا المُصنَّف مرخص بموجب رخصة المشاع الإبداعي نسب المصنف – غير تجاري 4.0 دولي.