ذات يوم كان لي صحبة.. ودعتهم في طريق المبادئ.. وعدت وحيداً.
وأبدلني الله خيراً منهم.. وكتب علي فراقهم وعدت وحيداً.
وتتكرر الوحدة في حياتي.. يوماً بعد يوم.. وعشقت وحدتي ورغبت فيها حتى لكأني لا أعرف من الأرض شيئاً ولست من أهلها. حتى أنكرت نفسي ولم أعد اعرفها.. فكأنها شخص آخر أرغب في نسيانه.
اليوم تدور الذكريات.. وتدور عجلة التجارب.. فلا أدري أوحدة هي وحدتي أم نوع من التنوع في العلاقات.. أتذكر سفري واستقراري.. أتذكر صمتي وكلامي.. أتذكر فرحي وأحزاني.. وأنظر موضع قدمي لأتأمل أصحيح ماأريد فعله أم خطأ.. أتجربة مدروسة، أم رغبة في البعد والتميز.
أذكر خلي في هذه اللحظة.. ذاك الأخ الذي أحببته كأشد ما يكون الحب وترافقنا معاً كأسعد ماتكون الرفقة.. تقاسمنا السعادة.. وتناصفنا المشقة.. وكلها أنواع من اللذة يعرفها الخبير.. لو تأمل فيها لوجدها ابتسامة الأيام وإقبالها.. وأسعد اللحظات وإشراقها.. صورة السعادة التي يحاربنا من أجلها أهل المال والثراء.. رغبة في الاستقرار.. وحباً في الراحة.
وأشعر بسعة صدري.. وأتعجب كيف ضاق على سعته فلم يعد يحوي غير شي واحد فقط.. الموت.
وتدور الذكريات.. فأحن حنين الأحرار.. وأشتاق شوق الأبرار.. وأقلب طرفي لأرى ماحولي ومن حولي.. ولأشعر ثانية بتلك الغربة اللذيذة.. وأستشعر لذة المجاهدة وطول الطريق.. وغربة المبادئ.
قلوب الأحرار تضئ الطريق للسالك.. ودماؤهم مشاعل النور.. وآثارهم نجوم يهتدى بها.. وصورهم متشابهة ولو تنوع الزمان أو تغير المكان.. تشعر بهذا برغم الأسى.. وتلمسه رغم الجراح..
فمن نفس المشكاة خرجت المعاناة.. (حتى يقول الرسول والذين معه متى نصر الله.. ألا إن نصر الله قريب). وهذا الألم بما فيه من تعب ومعاناة ففيه لذة وهو جنة الدنيا التي عرفها الصالحون.. فتمسكوا بدينهم وهان البلاء عليهم.
هكذا أخي الحبيب أعيش بعدك.. يصيبني ما يصيب البشر، ولكن روحي ليست من طينة البشر.. على الأقل هذا شعوري.. تسمو نفسي إذا ضاقت الدنيا بأهلها فأبتسم لها.. فما كنت يوماً محباً لها أو راغباً فيها.. وحين تتقذفهم الناس يثبتني مبدأ حر رضعته مع اللبن.. ويزيدني ثبات ذكركم فكأن الأرض أرضي أسير فيها حيث أشاء.. وكأن السماء سمائي تظللني وحدي من جحيم الابتلاء.
أي أخي.. هل تراني أطلت عليك ؟.. وما علينا فكم تكلمنا في الدنيا كهذا الكلام.. وكم ضحكنا ولعبنا.. وكم عملنا وبذلنا.. وكم تواصينا.. إذا لتكن صفحة ضمن صفحات وصورة ضمن صور.
انتهى كلامي.. لا ادري هل انتهى لنهايته.. أم انتهى لخجلي.. أم انتهى لخوفي.. أم…
كل الذي اعلمه أنني غريب.. والغريب ضعيف.. والضعيف قريب من الله.. وأنا أرجو قرباً من الله، وأنساً به، وشهادة في سبيله.
(الصورة بعدسة: ديلمان)
6 تعليقات على “الذكريات”
ذاك الأخ الذي أحببته كأشد ما يكون الحب وترافقنا معاً كأسعد ماتكون الرفقة.. تقاسمنا السعادة.. وتناصفنا المشقة.. وكلها أنواع من اللذة يعرفها الخبير.. لو تأمل فيها لوجدها ابتسامة الأيام وإقبالها.. وأسعد اللحظات وإشراقها.. صورة السعادة التي يحاربنا من أجلها أهل المال والثراء.. رغبة في الاستقرار.. وحباً في الراحة.
هنا حنين موجع ..
رزقك الله الانس بقربه …
الله يعطيك العافيه …
مع عمق الالم في حرفك الا أن من عمق ألم حرفك اخرجت لنا اروع الكلمات …
لاعدمنا جديدكـ…
لا يفهم كلماتها إلا من عاش معانيها
الغربة قاسيه ولكنها تشيد قلوباً معمرة بأساس مختلف عن البقيه تكسبنا التميز ..
يكفي بأنها تعلمنا الكثير وتفهمنا معنى الحياة الصحيح
غمرتني هذه الحروف بحزن .. وفرح ..
كيف ؟ ؟ .. لستُ أدري !! ^_^
* { حنين الأحرار } .. أحببتُ هذا المصطلح كثيراً ..
أشكرك أستاذ بعمق ~
🙂
دمتم بخير..
البعض يتمنى أن يكون له مثل هذا الأخ ..
مثل رفقة الحياة او أن يكونها لاحد يقدرها
دمت لمن تحب
تقديرى،،،