التصنيفات
رسائل إلى نفسي

حالة خاصة

29/4/2011م

المنزل (الصالة).. الساعة 3:58 فجراً

أتمنى لو كانت لي حروفي الخاصة، رموزاً تعبر عما أريد بلغة لايفهمها سوى من أريد أن يفهم.. كلماتي الخاصة، مصطلحات ومعان خاصة بي.. أجوائي الخاصة، لاحرّ ولا قرّ.. أغمض عيني فتنتقل الفكرة لايكدرها فهم ثقيل أو تأويل بغيض أو مناخ متقلب.

المناخ عامل يظهر متى مافقدنا روابط بالذات، أي أن شعورنا بالنفور مما يحيط بنا يجعلنا نلاحظ تقلب المناخ وعوامله.. لو شعرنا بالارتباط بفكرة فإننا لن نهتم لحبات عرق تتساقط، لن نهتم لترسبات الأملاح على ياقات المعاطف، لن نتأذى كثيراً من حموضة تميز رائحة تدل على انهماك في العمل.

كان القميص الرصاصي يشهد على كلامي، تعب صاحبه لتحقيق نجاح فقده في البداية، تهالك الجسد لكن الروح لم تلتفت إليه، كنت أقول عنه “عصب”، أي رجل نحيل ولكنه شديد قوي، السر كان يكمن في الروح، لم تعد ترى الأشياء بمنظوري، كنت أتهرب من الشمس المحرقة بينما يراقب آلة معطلة تحت شمس الظهيرة، همه أن تعمل قبل أن يؤذن العصر.

الحفرة التي كانت مسكني لعدة إيام في قمة الجبل لها دلالتها أيضاً، سياط البرد التي تجلد الأجساد المرابطة تؤكد النظرة، حتى تجمد البعض كان دعابة نبتسم حين نرى أبطالها، بينما كان الإنسان يسخر من المتغيرات الطبيعية قبل أن يبدأ سيرة المبادئ.

في عقلي الأشياء تأخذ أبعاداً ثلاثية، تنتقل الصورة بأدق التفاصيل، صوت تكسر الحصى تحت ضغط سيارة الدفع الرباعي، وتدفق نهر في الجبل، وأصوات أغنام ورعاة وجرس يهتز بتحرك بقرة تسحبها عجوز لحلبها، رائحة الخيول وملمس العرق على ظهورها ورقابها، لسعة ذبابة خيل أشعر بها وأمد يدي في عفوية وكأنها لازالت هناك، الحياة الخاصة في مساحات الظل وعالم الكلمة ثلاثية الأبعاد، تنسيني عالم الحروف الروتينية المكررة، وكأنها بضاعة صينية رخيصة مقلدة، تذكرني بالأصالة تماماً كالصناعة اليدوية، فلكل سلعة هنا قصة وذكريات.

حين يكون الأبطال كأبطالي فلابد وأن تكون الكلمات مختلفة، ليست الكلمة العادية المرسومة بالحروف الهجائية، بل الكلمة الناطقة التي تشعر بأن الأمي سيقرئها لو رآها دون مشقة، هذه الكلمات تنطق نفسها حتى لو لم تحسن القراءة.

أنا محظوظ بحمد الله، فمن بين الأدباء كنت أنا الراوي، رسمت بقلمي الرصاص ملامح المكان والزمان والحدث، ورافقت الأبطال بحامل كاميرتي البانسونيك، تصطك حقيبتي بأدواتي وابتسم متحاشياً النظر للعيون التي تراقبني. اتلصص لأبحث عن كلمة خاصة لقاموسي، لاأسمعها حين تقال ولكن معناها يصلني، صورة ومجموعة صور تتلاحق لأنهي فصلاً في يومياتي.
غفلت عن الأجواء الرطبة وأنا أعيش في الذكريات فقط، فكيف لو كنت في الوقت والمكان الحقيقيين؟!!
وأتمنى لو كانت لي حروفي الخاصة، رموزاً تعبر عما أريد بلغة لايفهمها سوى من أريد أن يفهم.. كلماتي الخاصة، مصطلحات ومعان خاصة بي.. أجوائي الخاصة، لاحرّ ولا قرّ.

(الصورة بعدستي: عبدالله السعد)

بواسطة عبدالله السعد

بين يوم ولادتي وحياتي الحالية أحداث كثيرة..

ماسأدونه هنا بإذن الله يمثل قطعاً من البزل..

ومجموع القطع يصور سيرتي الذاتية..

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.