التصنيفات
همسات

أبي

أبي

منذ أن رحلت افتقدت هذه الكلمة.. أبي.

أشعر بالحنين إليها.. وأشعر برغبة في أن أقولها.. ولكن لمن؟

بالأمس ذهب معي ولدي.. تذكرت عندما كنت أذهب معك.. أمسك بإصبعك.. أسألك عن كل الأشياء.. أتلفت هنا وهناك.. تبتسم لي حيناً وتوبخني حيناً.. ولكن كنت أحس بحبك.

أتذكرك في المنزل.. صمتك، هيبتك، وجلوسنا حولك.. وتحاشينا النظر إلى وجهك.

أتذكر عندما كنت أريد شيئاً.. ضحكت من نفسي.. كنت أخاف أن أطلب منك، مع أنك لم تكن تقول لي شيئاً.. كنت أسأل أمي.. كنت مهيباً يا أبي.

أبي.. أحن لهذه الكلمة.. لو كنت حياً فسوف أبكي عند قدميك..

سوف أقبلها وأضمك لأضع رأسي في صدرك..

سوف أغمض عيني وأنام..

سوف أتدفأ في حنانك..

أشعر يا أبي بقسوة الدنيا.. نعم لا تخف.. لازلت رجلاً كما أوصيتني.. لا يرى الناس مني سوى البسمة.. ولكن كنت أعطيهم البسمة وأخذها منك.. واليوم أعطيها ولا أجدها يا أبي.

أنظر لطفلي.. سيفتقدني يوماً ما.. لا أدري متى، ولكن بالتأكيد سيفتقدني.. ربما لن تكون لديه الكثير من الذكريات عني.. أما أنا ففي ذاكرتي كنوز الذكريات..

تذكرت يوم أن كنت تضربني.. لم تكن تضربني كثيراً.. ولكن كنت أنتظر يوم الضرب هذا طول السنة.. خوفي كان يمنعني من أمور يراها غيري عادية ولكن هي التربية.

أبي.. أحبك.. نعم أحبك.. وأفتقدك..

أحب كل شي فيك.. تقول لي أمي أنني أشبهك في بعض الأمور.. أشبهك في مظهرك.. أشبهك في غضبك.. واليوم اكتشفت أنني حينما أمشي أقلد مشيتك.. لو علمت أمي بهذا ستضحك علي كثيراً.

أتذكر يا أبي صمتك.. وتربيتك بالنظرة.. كنت أهابها ولكن تعلمت منها.. ربما لهذا لم تكن محتاجاً إلى ضربي كثيراً.. الحر تكفيه الإشارة هكذا كنت تقول لي.. ابتسامتك المشرقة ياأبي أتذكرها.. أفتقدها أيضاً.. وافتقد دفء يديك..

أتذكر يوم وفاتك.. وأتذكر تمددك على السرير.. أتذكر يوم أن أخذتك إلى المستشفى.. وأتذكر يوم أن أغمض الطبيب عينك.. تردد في أن يصارحني بالخبر.. لم أكن خائفاً من الصدمة.. فقد علمتنا الصبر.. فقط خفت على أمي أن تعلم بوفاتك.. ولكنها أيضاً تعلمت معنى الثبات.

اليوم يا أبي أزور قبرك.. أقبل التراب الذي دفنت فيه.. كم حوى هذا التراب من الخير.. ضم المآثر كلها.. آه ياأبي.. رحمة الله عليك.

 

(الصورة بعدسة: سديم البدر)

بواسطة عبدالله السعد

بين يوم ولادتي وحياتي الحالية أحداث كثيرة..

ماسأدونه هنا بإذن الله يمثل قطعاً من البزل..

ومجموع القطع يصور سيرتي الذاتية..

10 تعليقات على “أبي”

عبدالله البرادي العنزي: اعجبني كلماتك وفيها من الادب والمباديء الكثير وهذا يذكرنا بان المباديء لاتتغير ولكنها تهذب اعجبني كيفية ادارتك لوسائط الاتصال وللنقل مابين الاسلوب الحزين الي الاسلوب المدرك الواعي ومع هذا الكم من المعاني التي تعطي المتلقي الحافز والتشجيع لصيانة ذاكرته حول دور القائد الاب ولا ننسى الجانب النفسي وكيف وظفته التوظيف الخلاق مابين النقد العاطفي الهائج ومابين النقد المبنى على الفكر والعقل كل ذلك تمزجه بطرق ووسائل تدل على واسع اطلاع بمبادي السلوك والنفس والادارة وفقك الله اخي عبدالله امتعتنا بهكذا مقال عن دور الاب

الله يرحمه و يرزقه الجنة
كلمات و لا أروع لمشاعر نبيلة راقية نحو أغلى الناس في حياتنا
كان خير قدوة لك و إن شاء الله ستكون خير قدوة لأولادك
سلمت أناملك أستاذ عبدالله

تربية الاباء والاجداد في ذاك الزمان هو موروث الاجيال لهذا الزمان.. اسس متينة ومبادئ عريقة..
وجميلة هي التربية بالنظرة في نظري هي اسمى درجات التربية.. غفر الله له ولجميع المسلمين واسكنهم فسيح جنانه.. بورك قلمكم أستاذنا

رحمه الله وأبى وأموات المسلمين والمسلمات
وجعلك وإيانا وأولادنا خير خلف لخير سلف …

وهنيئا لنا بآباء مثل ما كانوا عليه … وكل الأمانى أن نكون لآبائنا كما كانوا لنا

تقديرى،،،

رٌتابة عمل ، ولحظةُ صمت لأجدني هُنا أقرأ شيئاً يجعلنيّ أخرس وقتاً ليس بقليل ..
نَعم هُم الأباء ، حَبلُ الأمان ! وذاك الجدار الذي نستند إليه ، ومادام خلفنا فنحن لانُدير رؤوسنا مُتفقدين ماخلفنا ..
نُخطئ ولانُصاب بالرعب ، لأنهم معنا ..
ننجحُ لأنهم يستحقون منا أن نفعل مايجعلهم يرفعون رؤوسهم على رفعتها ..

هُنا أكتفي بإبتسامة من خلف هذه الشاشة ، جميلٌ ماكُتبت كعادتك ..

تقديري

اترك تعليقاً

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.