التصنيفات
تربويات

ملامح

7040373779_58b794cfdf_b

من أشد مايكسر قلبي امرأة عجوز تمشي تستند على عكازها وعباءتها قد حال لونها بسبب الشمس.. يمكن أن ينقلني هذا المنظر إلى حالة نواح أو بكاء صامت، ذلك أنني أراها في مختلف مراحل حياتها، الطفلة التي يلاعبها أبوها فرحاً بها، والمراهقة التي تراها أمها فتاة بدأت تنضج وتملأ العين، والشابة التي يراقبها الرجال عشقاً أو رغبة في الاستقرار معها في ظل أسرة، والمرأة التي تربي أبنائها وتتعب معهم وتسهر في مرضهم وتأمل أن تراهم في مستقبلهم، واليوم آه من اليوم وهمومه، عباءة سوداء أصبحت بنية كأنها ألقيت في برميل نفط، تمزقت حول رأسها وانسلت خيوطها في وسطها واستهلكت من أطرافها..

التصنيفات
تربويات

بين البدء والمنتهى

9416139337_2a2823c4a7_b

* مرحلة التعبد: كانت الصحراء في القلوب البعيدة عن الدين أشد من صحراء الجزيرة العربية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفر منها إلى واحة التعبد في الغار، وبقدر صمته عليه الصلاة والسلام كانت المعاني تتحدث في قلبه وعقله، وخرج من التأمل بالتعبد، وخرج من التعبد باستعداد للرسالة. كان الغار مكاناً محسوساً لتهيئة غير محسوسة، كان التكاليف بداية مرحلة جديدة، ختمت الأعمال الصالحة بالبشارة، فجاء الوحي في وقته بعد أن استعدت النفس لتحمل الرسالة الجديدة، النبي الأمي يخاطب باقرأ النبي العربي يبعث للبشرية كافة. وكوفئت البشرية بالصادق.

* الحضارة البائدة: لمجتمع مكة الوثني كان مفهوم الحضارة محصوراً في ممارسات التجارة والرحلات، وكانت الغارات والبطولة والفروسية والكرم نياشين يفخرون بها، فجاء القرآن بنماذج حضارية مذهلة، تفوقت في كل المألوف لدى العرب، فالتجارة العربية البسيطة لم تعد تذكر أمام كنوز قارون، والقوة والعمران ذبلت أمام مبانٍ نحتت في الجبال وتماثيل عانقت السماء، والعدد والجيوش لم يعد لها وجود أمام إمبراطوريات ممتدة في الشرق والغرب، وحتى من عرفوا شيئاً من الرسالة شعروا بالذهول لنبض الصحراء الناطق بقصص حضاراتهم وتاريخهم، كان كتاب الحضارة أشمل وأوثق وأروع من الأساطير المروية وقتها، وقوة الرسالة حبكت المواضيع وألبستها لحمتها المتينة، وكان متن الحضارات.

* القرآن وثيقة: يا أمة الوحي وحملة الرسالة، لم ينشغل القرآن في السرد القصصي التاريخي، بل أصل وفرع، وجمع ماتبعثر في الأمم، فجاءت قوانين العبادة والمعاملة، ووضعت قواعد التجارة والموالاة، وشرحت المسائل والأحكام لضمان سلاسة العمليات وجودتها، كانت وثيقة تحدٍ لعقول البلاغيين والعاملين في مختلف القطاعات، وطرح التحدي الكبير واستمر، فلم يأت أحد بمثله، ولا بآية منه، فنظم سير الأمة ووحد كلمتها، ووضع أطرها وقوانينها في سلمها وحربها، وانتقل عبر الأجيال محفوظاً من التحريف، حاوياً للمنهج، دليلاً لكل الأجيال.

* الكهف: الأمر ليس ادعاءً، اقرئوا ان شئتم جمال التوجيه للعبادة والثبات في قصة أصحاب والكهف ورجل الجنتين، وشاهدوا الفرق بين المؤمن والمكابر، وتعلموا مراتب العلم من موسى والخضر، وانتبهوا لأدبه في لفظ الارادات. وتأملوا قوة الإيمان في الملك المؤمن ذو القرنين، وابتسموا لنسبته الفضل لله ولتوجيه القوم للاعتماد على أنفسهم، وتنقلوا في رياضها بين جمال اللفظ وحكمة المواقف، هذه الوثيقة الأسبوعية حوت سلاسل من أمم وحضارات، دارت في مسارات متعددة، وجمعها مناد الإيمان في كل مسار، نقف معها كل جمعة لنكسر عجلة مدنية تبعدنا عن الطريق، ولننعم بهدوء في ظلالها، ثم نسلم الأمر كله لله متبرئين من حولنا وقوتنا، لائذين بحوله وقوته.

 

(الصورة بعدسة: Mr. Puffy)

Creative Commons License
كتاب آت by Abdullah Ali is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.
Permissions beyond the scope of this license may be available at www.aalsaad.com

التصنيفات
تربويات

لهذا تعثرت

8826947016_2a9e3f6bd5_b

“بعض العوائق في التأهيل تعطي دلالات بعيدة وتحتاج إلى تأمل للخروج بفائدة استثنائية من دروسها.

وتعثر البعض في اغتنام الفرصة، له ارتباط بعيد، ويعطي مؤشراً على طبيعة الأشخاص وطريقة إدارتهم وتوجيههم نحو الهدف وإعطاء الصلاحيات لهم في مواقع الحياة المختلفة للقيام بأدوارهم فيها”..

في الماضي كتبت عن أسباب تعثر بعض الأنماط في الدراسة وتوقفها في مرحلة من المراحل، ومن ثم عودتها ثانية بعد مضي سنوات من عمرها إلى مقاعد الدراسة وتميز بعضها.

ربما أعطي نفسي الأولوية للكتابة الجريئة حول هذا الموضوع لأنني متخصص في علم النفس، ولأنني مررت بهذه التجربة في مرحلة من مراحل سابقة قبل أن أكسر القيد وأرجع ثانية لأنهي بحمد الله تأهيلي الأكاديمي الجامعي والماجستير وأحصل على دبلوم اضافي متخصص.

ومن خلال ما أسجله هنا فأنا أسعى لكسب السبق في طرح فرضية قد تفتح باباً لباحث آخر متفرغ وعنده الإمكانيات ليكمل المشوار ويكون شريكي في استكمال تفاصيلها ووضع أطرها، ولأنني مهني فأنا اصطدم مع الأكاديمي عادة في منهجيات البحث، ذلك أنني أفصل بين البحث الأكاديمي وبين العلوم التطبيقية التي أؤمن فيها بالخبرة العملية والاستقراء للأحداث وردات الفعل مع ضرورة الالتفات إلى المعلومات وصحتها وقوة المراجع التي تناولت الموضوع.

الاستقراء يعرفك على الدوافع الحقيقية، ولتحقيق ذلك فأنت تحتاج إلى الكثير من الخبرات التراكمية، تحتاج كذلك إلى مهارة تحليل المواقف إلى مكوناتها الرئيسية، الفرد والحدث والشعور والبيئة والزمن، تحتاج إلى التعامل مع هذا كله كمصفوفات يتم التبديل بين مكوناتها لمعرفة الاحتمالات، وستخرج بنتائج ظنية بعد هذا كله، ولكنها تكفيك للاسترشاد، ستكون سبقت من حولك على الأقل في ملاحظة مايجري حولك منذ البدء وحتى اللحظة، ومع العائد والتحسين وتوخي الدقة سيتم زيادة نسبة الصحة، وسيكون لتحليلك أثره في التعرف على جوانب السلوك المعقدة.

من خلال قاعات الدراسة ومراقبة الامتحانات ثار ذات السؤال في نفسي مرة بعد مرة، “لماذا تعثر هؤلاء عن إكمال الدراسة؟” لماذا تعثرت قبلهم؟ لماذا تخرج فلان وفلان وهم أقل مني ذكاءً؟ وسرعان ماكنت اعود إلى القدر مؤمناً بالخيرية ومعتقداً بأن هذا هو الأصلح للناس، ومن خلال التأمل في السلوك والملامح كونت انطباع فرضيتي الأولي، سجلت هذا في خماسية ملخصها بأن هناك خمسة صفات تميز المتعثرين، يكفي علامة منها لتكون سبباً في التأخر مالم يكسرها صفة أصلية ترفع صاحبها وتعطيه ميزة النجاح، وإلا فصاحب هذه الصفات لابد وأن يقف رحمة بنفسه وبالآخرين ممن سيتعامل معه، وهذه الصفات هي:

القسوة:

هذا النمط سيكون عامل ضغط سلبي على محيطه، سيعيش الفريق في توتر تحت إدارته، لاتكلفه بالقيادة دون ”حدود صلاحيات“، ”دليل تعامل إنساني“، ويبرز سلوكه في:

* طبيعة المهمة المطلوبة.

* طريقة التعامل.

عدم الاهلية:

أنت هنا أمام شخص متأخر عن محيطه، لن يرضى الفريق بقيادته وسيبحثون عن مخارج للابتعاد عنك، غالباً لايصلح للقيادة، ولكنه قد يؤدي بعض المهام التنفيذية المحدودة. وقد تنقصه الكفاءة في:

* مستوى القدرات العقلية.

* مستوى المهارة.

القابلية للانحراف:

هذا النمط قوي ولكنه يدور حول ذاته، ىيشترط أن يكون قاسياً، ولكن ولائه أقل للمنشأة، قد يستغل سلطاته ويكوّن علاقات تخدم أهدافه. انحرافه قد يأخذ شكلاً من التالي:

* فساداً سلوكياً.

* انحرافاً مالياً.

الغرور:

هذا القائد يعمل لوحده برغم منصبه، يعطيه الفريق أقل الواجبات ويتخلون عنه، لذلك لن يستثمر الطاقات، ولن يؤمنون به. سبب غروره قد يكون:

* لتأثيرات المادة والغنى.

* توفر المؤهل والمعرفة.

* قدراته على الابتكار.

المكابرة:

”العناد“، ”الإصرار“، ليست أموراً سلبية، ولكن المواقف تحكمها، انتبه للقائد الذي لايتراجع عن الخطأ، فقد يقود الفريق نحو الهاوية. المرونة مطلوبة وتمنحه الثقة، والسلبية سببها:

* الإصرار على الرأي الخطأ.

* التشدد في المواقف.

وأخيراً فهذه الفرضية تخصني ولكنني مؤمن بها، ربما يأتي اليوم الذي تصبح فيه نظرية تملأ الدنيا ثم حقيقة مثبته، من يدري.

 

(الصورة بعدسة: Fer Montero)

Creative Commons License
كتاب آت by Abdullah Ali is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.
Permissions beyond the scope of this license may be available at www.aalsaad.com

التصنيفات
تربويات

بين مرسي والمعارضة

Slide3

 أنا لا أهتم بالكتابة في السياسة، لأنني أؤمن أنه لاتأثير لكلام شخص مثلي في مواضيعها، فلكي يكون الموضوع مقبولاً يجب أن يحقق عدة شروط ومنها:

– أن يطرح من قبل شخص عرف بالتخصص في الفن والتعمق فيه.

– أن يخاطب شريحة واعية لما يقال متتبعة للتسلسل التاريخي في الموضوع المطروح.

ولأنني لا هذا ولا ذاك فأكتفي بالمشاهدة عن بعد، واهتم بالتأصيل الشرعي الذي يضع معايير الأفعال وردات الأفعال تجاه مايحدث في الساحة.

وحين أقول التأصيل الشرعي فأنا أعني الكلمة بكل أبعادها، فبدون علم شرعي صحيح سيتخبط الإنسان بين المناهج، والإيمان هو الأساس في اختياراتنا، وقد كتبت في وقت سابق عن معايير توجيه الناس وقلت أن الدين هو أقل المعايير تأثيراً في توجيه الناس وقيادتهم، إلا أنه الأعنف والأشد في التوجيه حين تتبناه طائفة من المؤمنين كمنهج حياة.

كذلك كتبت في المذكرات منذ سنين أنه يصعب على صاحب الإنتماء الانصاف، وهذا الانتماء عام، سواء أكان لجماعة إسلامية أو غيرها، فالعمل الحركي يفرض منهجيات عمل على الجماعة تجعلها تختار الرأي الذي يجمعها ويحقق مصلحتها ولو كانت تخالف اختيارات الفرد، وهي مقيدة بقراراتها التي تضمن لها سلامة السير والاندماج في المحيط من حولها لتحقيق مصالحها.

ونجد في التاريخ الإسلامي أن الصحابي “أبو بصير” رضي الله عنه وسعه أخذ موقف لم يسع جماعة المؤمنين في المدينة، ولم ينكر عليه رسول الله عليه وسلم، وليس هذا مكان تحليل الموقف سياسياً وإيمانياً وإنما هي إشارة تؤكد أن “الفرد يسعه مالايسع الجماعة”.

ومع أنني لا أميل للتنظيمات، إلا أنني أفصل بين التنظيم وبين الفرد، فكوني لست مع الإخوان إلا أنني أحب المسلم بغض النظر عن انتمائه، وهذا الحب هو ولاء شرعي، وأرى أن فوز “مرسي” في الانتخابات تعطيه الحق الكامل لنيل فرصة في عرض مشاريعه وقيادة مصر، تماماً كما فعل “مبارك”، وكما يفترض أن يحدث مع التالي.

إن عدم انتمائي للجماعة لايعني بغضي لأفرادها، وموالاتي لأهلها لايعني تبني مناهجها، بل يرد كل ماخالف الشريعة، ويبقى للمسلم حرمته، ومودته، والفرح بهدايته ونصرته، والحزن على البلاء يصيبه.

الأحداث التي جرت في مصر ليست بالغريبة أو المستبعدة، وهي تحقق السنن الكونية ومنها:

– أن الحق لايشترط أن يكون مع الكثرة، فالله يقول: وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين، فتقديم التنازلات مرة بعد مرة لن يرضي جمهوراً عريضاً لايجمعه دين ولا قومية ولا مصالح مشتركة. بل إن عموم الناس ليست مهيأة للقيادة، فالناس كإبل مائة لاتكاد تجد فيهم راحلة.

– أن الانتماء للإسلام والسنة سبب كافٍ لوجود العداوة، ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم، وبالتالي فالسياسة الخارجية ستظل أقبية من الترصد والمكائد، وكذلك جزء من السياسة الداخلية التي يفرضها وجود طائفة من أهل الكتاب في الداخل، يضاف إلى هذا وذاك فرق من المبتدعة ممن يحبون أن تشيع البدعة والفاحشة بين المؤمنين.

– التأثير الإعلامي وأثره، والذي وجه رسول الله صلى الله عليه حسان بن ثابت رضي الله عنه أن يستعين بأبي بكر الصديق رضي الله عنه في التعرف على أنساب قريش لكي يتمكن من مواجهة أجهزتهم بنفس الكفاءة، وحين كثرت منابر الضرار خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقطع أصواتهم وأرسل سرايا ليقطع دابر مشركين آذوه في جماعة المؤمنين.

وإعلام المعارضة كان محنكاً يعرف كيف يقدم برامجه في سلاسل متكاملة تخدم أهدافه وتثير مايبدوا أنه نقاط الضعف وتضخمها، تماماً كما حدث في زمن الخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وانتقال الاخبار بين الأمصار بفساد الولاة ومشاكلهم حتى أصبح أهل كل مصر يحمدون ربهم على العافية، والأمر كله لايتعدى اجتهاداً أو كذبة وضعها دخيل ليفسد على المسلمين سكينتهم، وهذا من شأنه أن يوغر الصدور ويثيرها، ويملئها غضباً على الحق وأهله، ولا يقف الأمر عن المعارضة بل يبدأ في التعدي على أهل الأحلام البسيطة اللذين لم يروا في الحكومة الجديدة باباً لتحقيق المصالح، واستعجلوا للثمرة ولم يدعموها، بل لم يساعدوا في تحقيق النهضة المرجوة.

– الباطل لايمنع الحق من فرصته في المواجهة، ولكنه ينتقي الأضعف ليضعه أمامه في مواجهة، ثم يقول أعطيتكم الفرصة وفشلتم، والضعف والقوة ليس في الجناح العسكري فقط، بل في كل مسارات المواجهة، والمعارضة المصرية كانت تمتلك خبرات رجال في القضاء والجيش يتوقع أنّ منهم من يعارض حقيقة، ومنهم من يخاف على نفسه وسيتبع الموجة الغالبة، ومنهم من هو محايد لم يستفد منه بسبب انفصاله عن التنظيم.

إنني أؤمن أن الخلافة الإسلامية ستقوم حين يريد الله ذلك، وستكون خلافة راشدة على منهاج النبوة، وحتى هذه الخلافة سيخرج جيش لمواجهتها ويخسف الله به الأرض، ولكن هذا سيكون في الوقت الذي يقدره الله، وبغض النظر عن الجماعة التي تولت الحكم في مصر أو في غيرها من بلاد الثورات، وعن مدى قربي أو بعدي عنها وموافقتي أو معارضتي لها، إلا أنتي أتألم لكل مسلم يصيبه الأذى، ولكل شعيرة تحتقر، وإنا لله وإنا إليه راجعون.

 

(الصورة من تصميم: فريق العمل في صدارة.. جداول صدارة: بين مرسي والمعارضة)

التصنيفات
تربويات

الأمل القاتل

998395_10151679727293921_1551515174_n

 لأنني إنسان منطقي فأنا غالباً أحكم على الشيء من خلال المعطيات، وأتبنى كثيراً ضرورة وجود معايير يمكن التعامل معها في الأفعال.

حيت أقرأ كتاباً يعجبني فغالباً سأبحث عن الكاتب، سأقرأ سيرته الذاتية، أحلل فكره من خلال مجموعة أطروحات وكتب وكتابات أخرى في نفس المجال أو غيره، المهم أنني سأقرأ الإنسان. ثم أضع الكلام في المواضع الصحيحة كما يظهر لي.

ربما أقرأ كلام ناقد، ولكن الناقد لن يؤثر على نظرتي للكاتب أو للكتاب، كذلك التأثير الذي سيقع في نفسي من فهمي وتحليلي للمواقف، ومن خلال بحثي عن المؤلف ومراحل من حياته الشخصية والأكاديمية والمهنية.

أضع هذه المقدمة من أجل الإشارة لفكرة أشار إليها هتلر في كتاب “كفاحي”، فالكتاب يعجبني في مجمله، وفي كثير من تفصيلاته. ولا يخلو من أمور أرفضها، ولكن لن تعيقني عن التعامل مع الكتاب والاستفادة منه.

الفكرة تتعلق بالأمل.. وكيف أن الأمل قضى على الكثير من الألمان، حين كان عدوهم يأتي ليأخذ بعضهم من المعسكرات ويدرك الباقون أن أولئك سيذهبون للموت، ومع ذلك سيبقون في أماكنهم دون مقاومة على أمل أن يحدث شي يحررهم من عدوهم، كالعفو، أو كقوة صديقة تنقذهم.

ومفهوم الأمل يرتبط بالرجاء، ولكن تعبير الأمل على الوجه لن يدركه الإنسان مالم يره في نفسه أو في المحيطين حوله.

يكون الموت صعباً حين يستخدم الأمل.. لأنك تعيش كل مراحل العذاب، وتتوقع شيئاً يغير الوضع، وتظل تنتقل من مرحلة لأخرى تصبر نفسك، حتى تسقط ميتاً أو تقع في عذاب آخر يلعب بأوتار الأمل.

يكون الأمل قاتلاً إذا لم يتحقق، فالشهيق في صدرك في انتظار الانفجار بضحكة انتصار، قد يعود على قلبك فيقتله تشبعاً بالحسرة. قبضتك التي تشدها لترفع يديك بالنصر ستستمر في الضغط حتى يتدفق الدم هماً وكمداً.

مالم يتحقق الأمل فستظل الدمعة في المحاجر تغالب ألماً، تنتظر الابتسام.. ويموت الإنسان وعينه مبللة بدموع تبكي صاحبها، وتأمل أن تكون دموع فرح.

حين ترى المعلق بالأمل ستعرفه بقليل من التدريب، فإذا كان ساهياً هادئاً، فتأكد أنه يقدم من نفسه مخاطراً بكل شي. العمر، المال، الوقت، الصحة، الذكريات، وحتى الحاجات الأساسية سيبدأ في دفعها لمن حوله وكله أمل أن يحقق من خلالها النجاح.

سيمسك بالهاتف في حزن ليرد على مكالمة يعلم أنها تطلب منه، ولكن يتعلق بالأمل في أن تكون خبراً يعطيه.

سيمسح شعر رأسه ويراقب السقف دون أن يرى شيئاً فيه، غير طيف ذكريات يبتسم له ليربطه بالأمل.

سيمشي وهو مطأطئ يتذكر وقلبه ينبض بعنف بين جنبيه، ويغالب دمعة يشعر بالغربة بسببها، دون أن يجد سبيلاً لدفعها.

حتى الأمل قد يكون سلاحاً للدمار، ولكننا مع الأسف لايمكن أن نسغتني عنه.

 

(الصورة بعدسة: عبدالله السعد)

التصنيفات
تربويات

علم النفس الحديث.. داء؟ أم دواء؟

3728767060_2039a0da51_z

علم النفس الحديث.. داء؟ أم دواء؟

في سبيل نظرية إسلامية مستقلة

كمحب للعلوم الإنسانية والتفكير والتأمل، وكمتخصص في علم النفس أجد نفسي مضطراً لأخذ بعض الخطوات التي لم تعط حقها من الشرح والتوضيح، لكي أضعها بين يدي المهتمين بهذه العلوم من ناحية، ومن ناحية أخرى أضعها بين يدي الدعاة علها تكون حافزاً لهم في ومفيدة في المجالات الدعوية وذلك من خلال التعرف على طبيعة النفس البشرية، والخطوات اللازمة للتعامل معها. وأنا أعلم أن مما يسبب عزوف البعض من أهل الصلاح عن دراسة هذه العلوم والاستفادة منها هو الارتباط بأمرين:

* الأول: وجود عقائد متنوعة النزعات فمنها المنحل الإباحي، ومنها الإلحادي، ومنها الغامض الغريب، ومنها الفلسفي الجامد، وغير ذلك مما يرى البعض أنه مضيعة للوقت وغير مفيد وليس سوى جدل وفلسفة.

* الثاني: ارتباطها بشخصيات منحلة فكرياً وأخلاقياً. فهذا ملحد، وهذا شاذ، وهكذا.

وهم وإن كانوا محقين في الكثير مما يتصورنه إلا أن هذا لايعني عدم وجود فوائد يمكن تحصيلها من هذه العلوم، وهو بالتالي لايبرر العزوف عنها، خاصة وأن كثيراً من الناس قد عميت عليهم حقيقة الدين فخاضوا في هذه العلوم وتتبعوا الفلسفة دون أن يكونوا قد تلقوا العقيدة الصحيحة من مصادرها الصحيحة. وبلا شك فجزء كبير من هذه التصورات والملحوظات التي تكونت لدى البعض تحمل نسباً متفاوتة من الصحة، بل سيلاحظ المهتم والباحث ثلاثة محاور رئيسية تصطدم معه وهي كالتالي:

* المحور العقدي.. ذلك أن الكثير ممن اشتغل بهذا العلم ينتمون لديانات أخرى كاليهودية خصوصاً والنصرانية، وبعضهم ولد لأسرة متدينة ثم ألحد هو وهكذا. وبالتالي فإن مايناسب هؤلاء ليس بالضرورة أن يكون مناسباً لنا ولمجتمعنا كونهم يشتركون معنا في البشرية. فإن الإنسان بطبعه يميل إلى التدين، ويضع من أفكاره مايناسب توجهه، ويرتبط بالدين بصورة من الصورة على الأقل لأخذ الحماية من الله والتوفيق، وهذا يعني إنه مهما حاول أن ينسى تدينه وقت التنظير فإنه لابد وأن يضع أفكاره تحت تأثير معتقده، تماماً كما يحدث مع المسلم الملتزم الذي يراقب الله في أقواله وأفعاله.

* المحور الاجتماعي.. فالمجتمعات التي أجريت عليها التجارب لا تشبه مجتمعنا المحافظ في الكثير من اختياراته. بل هي مجتمعات منحلة انتشرت فيها الرذيلة وكثر فيها الفساد بدرجاته، وهذا من شأنه أن يؤثر حتى على سلوك العينة التي يمكن أن تجرى عليها دراسة أو بحث، وبالتالي يعطي نتائج خاطئة لاتصلح لمجتمعنا ولا تقوم عليها نظرية سليمة.

* المحور الأخلاقي.. فبعض أعلام هذه الفنون كان عليهم مآخذاً فيما يتعلق بسلوكهم، فبعضهم لم تكن أوضاع أسرته كما ينبغي، وبعضهم ارتبط اسمه بالأفكار الجنسية المنحلة وهكذا. وبلا شك أن لهذه الانحرافات تأثيرها في النظريات التي وضعها أصحابها.

ونتيجة لهذه المحاور الثلاث وجدت العديد من النظريات التي تعارض الدين في كثير من جوانبه وتهاجمه صراحة، أو تسعى لنشر الفساد والرذيلة، ولو أردنا أن ننسى أدوار اليهود التاريخية في هذه الأمور لأولنا ذلك كله بأنه قناعات قامت على التجربة أو على التفكير دون أن ترتبط بأي أهداف أخرى. ولكننا وبالرغم من الموضوعية الزائدة التي نتعامل فيها مع هذه الأفكار والنظريات إلا أننا لن ننساها لأننا قد نحتاج إليها مستقبلاً ونحن نقارن بين النظريات تحت تأثير مؤسسيها.

إن الناظر إلى البحوث والدراسات والكتب والنظريات التي طرحت سيجد فيها فائدة بلا شك.. لكون العديد منها قام على التجارب والمتابعة والملاحظة. ولكون بعض علماء الفلسفة وعلم النفس تفانوا في خدمة العلم من أجل العلم. ولكن وحتى مع هذه الحالة فإنه لابد من التنبه للآتي:

– أن يتصدى متخصصون ممن عرفوا بالتوجه والصلاح لهذه العلوم، فيدرسونها ويعرضونها على الكتاب والسنة فما وافق منها أخذ، وما عارض منها ترك.

– أن يهتم هؤلاء المتخصصون بضرورة التأصيل الشرعي قبل أن يخوضوا في هذه العلوم. ذلك أن الشبه التي يمكن أن تدرس سهلة التعلق بالذاكرة، وقد يظهر أثرها بعد حين، وقد تكون تعارض أصلاً من أصول الدين دون أن يعلم الدارس بذلك لضعفه في العلم الشرعي.

– أن يتم التواصل بينهم وبين أهل العلم لسؤالهم عن المستجدات من الشبه المتعلقة بالبدع القديمة منها أو الحديثة، مما قد يمر معهم في دراستهم، وبذلك تتجدد المعلومات لديهم، ويطلع العلماء الثقات على المستجدات في هذه العلوم الإنسانية.

–   أن يدرس هؤلاء سير أرباب هذه العلوم قبل الخوض في نظرياتهم، لأنه ومن خلال معرفة السيرة الذاتية لأصحاب هذه العلوم سيتمكن الدارس من التعرف على الآتي:

* المعتقدات الدينية لهم أو على الأقل معرفة الديانة الافتراضية التي كان يمكن اكتسابها من خلال ديانة الوالدين. وستجد هنا أن كثيراً من الحركات السياسية والعلوم الإنسانية كان يقف ورائها يهود.

* الطفولة التي عاشوها ومعرفة أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية، لما في ذلك من أخذ تصور على الجوانب التي ساهمت في تكوين الشخص، كالفقر، والغنى، والتسلط، واليتم، والحاجة، وغير ذلك من الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل شخصيات الناس عموماً والأطفال خصوصاً.

* التعليم ومدى براعتهم فيه، وماهي الروابط بين تخصصاتهم الأكاديمية، وبين التخصصات العملية.

* مدى تأثير العقائد على حياتهم.. سواء أكانت العقائد دينية، أو قومية، أو غير ذلك.

* ماهي نظرياتهم؟ وماهي طبيعة المجتمع الذي وضعت فيه هذه النظريات لمعرفة الفوارق بين الشعوب ومدى تأثير هذه الفروق على الأفكار؟

وبالتالي سيمكن معرفة مقاصدهم وأبعاد نظرياتهم.

–   الإطلاع على مصادر هذه النظريات بلغتها الأصلية قدر المستطاع لأن الترجمة قد تغير بعض المعاني، مما يؤدي إلى تكون أفكار جديدة قد تصنف على أنها نظريات مستقلة.

–       أن يهتم الباحث بسير علماء المسلمين ويحاول التحلي بالصفات الآتية:

* فهم النصوص التي يقرأها لكي يستنبط منها الفوائد والأفكار.

* التعرف على أبعاد المواقف النفسية والتربوية في السيرة النبوية، ويدون أسماء جديدة من الصحابة رضي الله عنهم أو من التابعين ومن تبعهم.

وهو بهذه الطريقة سيعطي نماذجاً مقبولة سلوكاً وأخلاقاً بدلاً من النماذج النفسية السيئة التي قد يتعرض لبعضها في دراسته.

إن الحركة العلمية الحديثة نقلت لنا الكثير من الأفكار الغريبة والشاذة، ونتيجة لكثرت طرحها وتكرارها فقد بدأت النفس تألفها ولا تحدث الأثر الذي يفترض أن يحدث. فقد يمازح أحدنا صديقه بقوله أنت سادي، ولكن ماذا يعرف عن السادية وصاحبها؟ ويذم بعضنا نظرية فرويد الجنسية ثم يقف مبهوراً أمام نظرية التحليل النفسي دون أن يعلم أنها لنفس الرجل ودون أن يعرف إيجابياتها وسلبياتها. وغير ذلك من المواقف المتنوعة التي تدلل على الغفلة عن أثر هذه النظريات على سلوك وأفكار المجتمعات المسلمة التي بدأت تذوب وتتأثر بما يدور حولها. ومن أسباب انتشار هذه الأفكار:

* مشاكل الترجمة ومنها:

– الترجمة التجارية التي اقتطعت أجزاءً كبيرة من النصوص لتوفير التكاليف فذهبت بالعديد من المعاني التي قد تكون نافعة.

– عدم وجود أكفاء متخصصون في هذه العلوم يقومون بترجمة النظريات. وبالتالي قد يحدث إبدال كلمة بأخرى فيتغير المعنى دون أن يشعر المترجم بذلك أو قد يكون المعنى ناقصاً لايعطى الانطباع المطلوب.

– عدم وجود نقد عند الترجمة، بل ينقل النص كما هو دون تمحيص، ودون الإشارة إلى المخالفات التي قد توجد فيه.

– الترجمة الغير متوجهة، والتي يقوم بها أفراد يسعون إلى تحقيق أهداف أصحاب النظريات.

* التأثير الإعلامي ودوره في نشر هذه الأعمال.

إن البعض قد يعتذر بالأمانة العلمية، وهي نقطة صحيحة بلا شك.. ولكن هدفنا ليس نقل النظرية، بل تمحيصها ووضع نظرية إسلامية مستقلة تعالج السلوك وترسم نماذج التعامل السليم والعلاقات المفترضة بين أفراد المجتمع، وفق ضوابط شرعية تراعي النصوص وتقدر المصالح والمفاسد، وتعتمد على نصوص الوحي المعصومة من الخطأ والنقص والزلل.

(الصورة بعدسة: سديم البدر)

التصنيفات
تربويات

بين الثورة والكفاح

7298037144_b64591a1d0_b

 حين يقوم الإنسان بتجربة جديدة يشعر بأنه أصبح خبيراً، يستعجل الثمرة ويرغب في العطاء، بحسن نية أو بسوئها المهم أنه ينطلق في كل مكان محاولاً تعليم ماتلقاه في الحياة، هذا النشاط قد يسبب ضرراً حين يقف أمام الأغزر والأعمق تجربة ليحاول تطبيق حلولٍ غير ملائمة لم يسعفه الوقت وضيق التجربة لتلقيها. قوانين الرياضيات تعلمنا المعنى التراكمي للخبرة، كلما أنهينا مرحلة من القانون واجهنا عقبات تحل بقانون إضافي، وفي الرياضيات تنتهي وجهات النظر أمام القانون، تعويضات ضرورية لتصل إلى حل صحيح، وهذه ماتفتقده التجربة الإنسانية الخاضعة لقانون النسبية.

حين ننضج ننظر إلى خبراتنا بتواضع، تكون عبارة عن قصاصات من تجارب، وننظر للكبار على أنهم خبراء، نتتبع أدائهم لنقلدهم ونتعلم منهم، نبحث عن الجديد ونحرص على الاضافات النوعية، وأحياناً نتابع حتى غير النوعي على أمل أن نجد شيئاً يستحق التأمل، ندرس التجارب الجديدة والقديمة خارج الحدود، ومالم يكن لدينا ثوابت ننطلق منها فإننا سننقل كل شيء دون تمحيص أو دراسة. لن نفكر في مدى تطابقها مع معاييرنا، مدى ملائمتها لواقعنا، وسننبهر بالخارج وننظر له بإعجاب، سنذم مجتمعنا وقيمنا، وننظر إلى صورة الطبيعة الجميلة في إطار مزخرف دون أن نشعر بالحرارة والرطوبة في المكان الذي التقطت فيه الصورة.

التجارب الجديدة تشعرك بالحماس، هتافات الثوار تدل على حرمان من التعبير مر على أجيال وأجيال، يحاول البعض أن يثبت نفسه أمام الآخرين وأنه قادر على المطالبة، وأن زمن الأولين قد انتهى وجاء زمن الشباب. العقلاء يبدئون في القيادة بمطالب واضحة، ولكن المستويات التربوية ليست واحدة، الشارع يجمع كل المستويات، وكل التخصصات، وكل الأديان، وكل الأجناس والجنسيات، فمن الطبيعي أن يظهر تفلت من هنا وهناك لايقوم على المنهجيات، بل يريد تحقيق فرصته الشخصية.

تختلف الهتافات وتبدأ المطالبات الغير منطقية، يراقبها أهل الخبرات في قلق لعلمهم أن النهايات موصدة، بل قد يكون العاقل أول من يقف أمامها لمخالفتها الفطرة والدين والعقل، وليحاول أن يوقف تداعيات أشد خطراً من الواقع الذي أراد الثورة عليه.

الكلمة تطير في الآفاق، ليس بمراد القائل، ولكن بمراد ألف سامع ينقصه العلم والتجربة، وألف فاسد له مصلحة ومصلحة، وألف مصلح يريد الحق ويُستغل لتحقيق الحق والباطل، وألف تائه سيطير مع أقوال من حوله في الايجاب والسلب. كلمة تقال سيرددها كل الأطراف، القاتل والمقتول، وذات المبادئ سينادي بها كلا الطرفين دون تمييز بين هذا وذاك.

الكفاح مختلف عن الثورة، فالصورة هنا واضحة، والرؤية واضحة، تريد حرية تؤخذ من عدو متفق عليه، ويحاربك بنفس القوة، لايوجد فرص للحوار بينك وبينه لاختلاف الثوابت، والمتغيرات كذلك. في الثورات يحاول الخائف مواجهة الطوفان بتلبية متطلباته، في الكفاح سيقف العالم مع المتضرر مالم يؤمنوا بقضية الرجال. وسيتمايز الجمهور إلى صفين.

الثورة تعني قبول مبدئي بنظام ثم الخروج عنه، الكفاح يعلن تمرد من لحظته الأولى وإصرار على التصدي، في الثورة نخرج في صف واحد لنعود في صفوف متفرقة مزقتها وجهات النظر، في الكفاح نخرج في صفوف جمعها مبدأ لنجتمع في صف واحد في النهاية.

في الثورة فرصة لظهور الغوغائية وتوقف المصالح العامة لتحل مكانها الرؤية الشخصية المقنعة بألف قناع للمصلحة العامة، في الكفاح يجتهد الناس في التنظيم المؤدي للنتيجة المطلوبة.

في الثورة يواجه الرموز بعد فترة بالتفرق، سيقال أنهم قد تغيروا، أنهم يميلون للنظام السابق، أنهم يريدون تحقيق مصلحتهم، وسيجد البعض ألف فرصة للطعن في كل نزيه خالف مايريده. في الكفاح سيشار للرجال بالتقدير والانبهار، سيكونون شهداء في نظر الكثير، لن يطعن أحد في أمانتهم مع أنهم قد يلومونهم على استعجالهم وعنادهم في مواجهة القوة.

في الثورة فورة سرعان ماتخبوا ليبقى ضررها على أطراف الزجاجة، يمتلئ المكان بسكر دبق تلتصق فيه الأيدي وتحمل من أثاره مايتلف الملابس والمكان، لن يذوق الناس حلاوته لأنه أفسد ووقع في المكان الخطأ. وفي الكفاح جهاد يقاوم العدو، بارود يزكم الأنوف ودماء تملأ الجو بعبق المسك.

 

(الصورة بعدسة: Rutger Spoelstra)

التصنيفات
تربويات

أدباء المهجر.. أرواح ترسم النجاح

أدباء المهجر.. أرواح ترسم النجاح

وقع بين يدي كتاب من تأليف الدكتور محمد عبد المنعم خفاجي.. يتكلم فيه المؤلف عن “قصة الأدب المهجري”.. والحقيقة أنني لم أكن قد قرأت كتاباً عن أدب المهجر أو عن أدبائه ومنهجهم الأدبي.. وكل ما أعرفه عن هذا الأدب هو ما أراه خلف الشاشات من لقاءات وانتقادات.. أو ما تقع عليه عيناي من مقالات مبعثرة أو قصاصات من هنا وهناك، وبعض الدواوين التي سطرها أدباء المهجر.. ولم يدر في ذهني وقتها أن أتعرض للنص بتحليل أو دراسة.. فقط كنت أقرأ وأتمتع بالقصيدة كنص أدبي دون أن أشعر أن هذه الأحاسيس كانت تعبيراً عن مشاعر بشر يسعد في صور السعادة.. ويتألم في صور الألم.. ويحن عند صور الحنين.. أي أنني أستطيع أن أقول أن الكتاب كان أول شيء أقرأه عن أدب المهجر.

ومع أن الكتاب لم يخلو من أخطاء هي في الحقيقة تمثل وجهة نظر الكاتب فقط، وليست رأياً تاريخياً ولا منصفاً، وأقصد به ما يتعلق بموقفه من الدولة العثمانية، ولكن لأن الحديث عن أدب المهجر فلن أشير لهذه النقطة بأكثر من هذه الإشارة وفيها الكفاية بإذن الله.

الحقيقة أن القارئ سيجد أن الكتاب يشده للتعرف على أدباء المهجر.. وعلى الوقوف على دواوينهم وقراءة قصص معاناتهم.. بل ربما أخذه الخيال لأبعد من ذلك فيرى نفسه وقد هاجر من بلده ليستقر في بلد أوربي ويكون لبنة في بناء الأدب في المهجر.. كل ذلك من أجل أن يسطر روائع ما كتب هؤلاء الرجال في وصف أحوالهم وغربتهم وأحاسيسهم وطريقة معيشتهم.

ومن مميزات الأدب المهجري الحنين إلى الأوطان وما أكسب ذلك النفوس من رقة بدت واضحة في كلماتهم وقصائدهم.. وهذا الأمر هو أول ما سيراه المتأمل لأي نص لأي أديب من أدباء المهجر.

ولكن بالجملة لحظت في هذا الكتاب أمرين.. لا يخصان الكاتب وإنما يتعلقان بفكرة الكتاب وهي الأدب المهجري وأدبائه.

الأمر الأول: يتعلق باللغة العربية.. كم هي قوية هذه اللغة في تعبيراتها حتى أنك تقرأ بعض الأبيات فتشعر أنك تقيم معهم في البرازيل.. أو تقرأ وصفاً فتظن أنك على موعد في نيويورك.. وكم ستتخيل رجلاً يسير وحده في الغابات يبحث عن موطن يستقر فيه.. أو تراه وهو يختبئ في سفينة في عرض المحيط.. ثم تتخيل لحظة وصوله إلى ميناء مجهول وعليه أسمال بالية وبقايا كسرة في حقيبة مهترئة.

وتساوى الجميع في التعامل مع هذه اللغة بغض النظر عن ملته.. وفي هذا أعرض لكم نموذجاً لبعض الكلمات كتلك التي أطلقها جبران “خذوها يا مسلمون كلمة من مسيحي أسكن يسوع في شطر من حشاشته ومحمداً في الشطر الثاني.. إن لم يقم فيكم من ينصر الإسلام على عدوه الداخلي فلا ينقضي هذا الجيل إلا والشرق في قبضة ذوي الوجوه البائخة والعيون الزرقاء”.

ورتل القرآن وبكى قائلاً: “ويل لكم أيها المسلمون.. أتذل أمة بين يديها هذا الكنز الثمين.. ويستعمر شعب يملك هذه القوة والعظمة”.. وأعادتني هذه المقاطع إلى إعجاز هذا الدين في تحدي العرب بهذه اللغة القوية.. وعجز العرب أن يأتوا بمثل آية من كتاب الله وهم أهل البيان واللغة.. وأهل الوصف والتعبير.

الأمر الثاني: يتعلق بالأدباء.. ظهرت عدة مميزات في تلك الطبقة من الشعراء تجعل المرء يتأمل في إعجاب الصورة النادرة من قوة العزيمة التي أعطتهم هذه القوة وأوصلتهم إلى هذه المنزلة.. وكيف وصلوا واستقلوا بأدبهم.. ثم كيف قاموا وفي سنين قليلة بوضع علماً ومرحلة من مراحل تاريخ الأدبي المعاصر.

–   همة في التميز في تحقيق الأهداف.. بدا هذا الأمر من خلال نجاحهم وهم الأقلية الغرباء الذين وصلوا إلى بلد غريب في لغته وعاداته، لا يملكون قيمة وجبة يقتاتون بها.. ولا يعرفون مكاناً يأوون إليه.. ثم يصبحون أرباب التجارة والصناعة في تلك الدول.

–   قدرة على الوصف.. سواء الوصف المادي الذي سلكه البعض لوصف الأماكن أو الأشياء.. وكان ذلك في فترات ولادة المهجر تغير الكثير من الأشياء المحيطة بهم في سرعة تستدعيها النهضة الصناعية في تلك الدول. أو من خلال وصف المشاعر والتعبير عن صورة حب للوطن نادرة حقاً.

وهم بهذه الصور الرائعة نقلوا لنا جانبين.. الأول يتعلق بالماديات والثاني يختص بالمعنويات.. وهي بلا شك متوفرة من قبل في الشعر العربي.. ولكن ولطبيعة البلاد هناك فقد أثروا الأدب بمزيد من صور الجمال وبلاغة التعبير.. ودقة الوصف.. ويستطيع كل ناظر إليها مطلع عليها أن يستفيد منهم حال خوض تجربة كتابية مشتبهة.

–   تميزاً في الإبداع.. وذلك من خلال طرق مجالات الثقافة الأدبية المتنوعة كالقصة والقصيدة والمقال.. وتجديد فنون الأدب والوصف. والقوة في التعبير يغذي ذلك الحنين الجارف إلى مواطنهم الأصلية.. مع الوفاء لها والاعتراف بحبهم لها ومكانتها في نفوسهم.

خلق أجواء مناسبة لهم.. تمكنهم من التعايش مع كل المعطيات المحيطة بهم، ومن ثم التغلب على المؤثرات والظهور بقوة في مجتمع غير مجتمعهم وثقافة غير ثقافتهم.. مع تقنين هذا التواجد.. وذلك من خلال التوثيق الإعلامي بإصدار مطبوعات دورية تعبر عن حاجاتهم.. ومن خلال إنشاء أربطة أدبية عربية في دول غير عربية.. يلتقي فيها كل الناس من كل مكان لا يجمعهم رابط سوى رابط القومية والحنين إلى العروبة.. وكم نحتاج إلى إعادة دراسة هذه الظاهرة الفريدة الرائعة من زاوية جديدة.. ومحاولة الاستفادة منها في توجيه الطاقات الإسلامية المنتشرة في كل مكان في العالم.. والبعد عن التعصب المذهبي والخلاف القائم ليس بين المذاهب فحسب، بل بين أتباع المذهب الواحد.. مع تجاوز السلبيات التي وجدت فيها، والتي لابد أن توجد بسبب التباين في طباع البشر.. ولا ننسى أن لكل أمة من هذه الأمم صفات ومؤهلات ولذلك فمسألة وجود السلبيات، أو التنوع في القرارات والخلاف في وجهات النظر مسألة طبيعية.

 

(الصورة بعدسة: ريان المنصور)

التصنيفات
تربويات

من قاموس المرأة

من قال أن المرأة لاتغار!! مهما كانت صفاتها فالغيرة هي أنوثتها إن كانت طبيعية، وسلاحها إن كانت تريد إبراز قوتها ومنافستها للرجل. الغيرة لا دين لها، تتساوى المرأة في هذا بغض النظر عن دينها، لونها، جنسيتها، أو أي معيار نريد أن نضعه.

لاتحاول أن تتعامل مع غيرة المرأة، فهي باب ينهي المحادثة المنطقية، جدار أمام الحاجات مهما كانت مبرراتها، لاتحاول أن تقنع امرأتك بالزواج عليها فهذا لن يكون، ومن تقتنع حالة شاذة لاحكم لها، والأيام في كثير من الحالات ستعيدها للغيرة من جديد.

والغيرة طبيعية، لاتتكلف تغييرها، وهي صفة أصيلة، لها مميزاتها، فالمرأة التي تغار تحب، تحب التملك، تحب الاستقلال، تحب الأسرة، تحب التفرد، المهم أنها تحبك، تحبك حد الألم، تحبك فوق الإيذاء، لذلك قد تضربك، قد تهجرك، قد تقتلك، وبلا شك ستتغير حياتك معها وستظل تعالج جرحاً في نفسها، وفي جدار أسرتك.

حين تقرر التعدد فكر في الأمر، فهناك أسرة جديدة، بيت بتكاليفه النفسية قبل المادية، وهناك جدول مقارنة بين المتحقق من المصالح والمفقود من الايجابيات، زن الأمور بروية واسأل نفسك هل يستحق الأمر كل هذه المعاناة؟!

ستبكي زوجتك كثيراً، سيتأثر أهلها سلباً حتى لو جاملوك، سيفرح البعض شماتة بها، ستتألم لأنها أعطتك واهتمت بك، سيكون هذا تصورها حتى لو كانت مقصرة معك الليل والنهار، ولكنها لن ترى بنظرتك وستضيق عليها الأرض، وستضيق عليك حياتك، بيتك، ونفسك التي بين ضلوعك.

ليست الغيرة وراء كل اعتراض في موضوع التعدد، وبرغم دورها الكبير إلا أن هناك اسباباً اخرى لدى المرأة، نعم ستغار حين تتخيلك تعيش مع أخرى وتقوم بكل التفاصيل التي تقوم بها معها، ولكنها ستكون محرجة من صديقاتها الاتي كانت تقسم لهن عن محبتك لها، وخجلة من أهل كانت تقف معك ضدهم باعتبارك السند الذي ترجع له، وستنكسر أمام شامتة عاذلة حاقدة، وستبدأ تقارن وتشعر بالنقص ولو كانت الزوجة الجديدة أقل منها في مواصفاتها، ولا تلام في ذلك كله، وكله مقبول وله مبرر بلا شك، ودورك أن تحاول استيعاب كل هذا ومعالجته وتصبر علي تبعاته التي قد تستمر لسنين، وقد تفشل كل جهودك بعد السنين ليكون الانفصال.

مع الأيام ستأخذ الحياة أشكالاً جديدة، أيام الفرح يقابلها أيام الشقاء، والأمر بيدك في كثير من الأوقات، لاتحاول استعراض رجولتك في فرض طرف على طرف، ولا تقف مع طرف ضد آخر ، اتركهم يحلون مشاكلهم بأنفسهم، ولكن ضع قوانين السلامة الأسرية، لاتجعل الصراع يؤثر على الأبناء، تفقدهم في اجتماعهم وتحصيلهم وتعاونهم، وببساطة كن صارماً في هذا الجانب وليعش الجميع معك مسئوليته، فالكل مشترك في تربية الأبناء، والمصلحة والضرر هنا ستؤثر على كل الأطراف، ليكن بينكما نداء العقل، والقلب، والدين.

التوفيق من الله قبل كل شي، الأمر ليس بقدرة إدارية، بل بتوفيق من الله ورحمة منه، لذلك كن واضحاً من البداية، لماذا تريد التعدد، لاتحاول أن تلبسه لبوس الشريعة، لاتحاول أن تجد عيوباً في زوجتك، لاتحاول أن تعيش في دور المضطهد المحتاج للصدر الذي يحتويه، قل أريدها لذاتها وكفى.

كن نفسك، لاتنظر لمبررات الآخرين، لاعليك من تشجيع غير متزن، أو تثبيط لايتجاوز تجربة أو موقفاً شخصياً أو رأياً يحتمل الصواب والخطأ، إذا عزمت وكنت رجلاً فأكرم كل الأطراف، واحتمل كل الأبعاد، وعش بهدوء بشعار “إمساك بمعروف، أو تسريح بإحسان”، واجتهد ألا تظلم أحداً، ولو فعلت فاعتذر وعوّض المتضرر.

(الصورة بعدسة: عبدالله الشثري)

التصنيفات
تربويات

المثقفون العرب.. بين غياب المنهجية وضياع الهوية

ربما يمكننا القول أن العصر الحديث (القرن العشرين) يعاني من نقص في المجددين في الأدب عموماً.. ومواكبة الحضارة أثرت الأدب القديم في كل مرحله مما أدى إلى ظهور تيارات أدبية جديدة تتكلم بلساننا، ولكن تحوي أفكاراً دخيلة علينا لا ترتبط بأمتنا.. ولا تخدم قضايانا. بل تضرب على نغمات مكررة يحسبها السامع شيئاً فإذا تأملها وجدها جوفاء.. وأصبح لهذا النوع من الأدب وهذا الصنف من الأدباء جمهوره من صغار السن والمراهقين من الجنسين.. وضرب هذا الصنف على أوتار متكررة ينادي بها كل واهم ممن يجرون خلف السراب فتارة يمجدون المرأة.. وتارة يطالبون بحريتها وحقوقها.. ثم يميلون عليها مرة أخرى فيجردونها من كل القيم والفضائل فلا تراها إلا عشيقة لهم ومطية لشهواتهم.

ولكن مثل هذا الفكر الدخيل والمفسد للمجتمع ترفضه العقول النقية.. لأسباب يمكن تصنيفها في سببين رئيسين وهما:

–    أولاً: المنهجية.. فإننا أمة مسلمة قبل كل شيء.. والداخل علينا من الأفكار ربما يمس معتقداً فنرفضه كقول أبي العلاء المعري:

ضحكنا.. وكان الضحك منا سفاهة *** وحق لسكان البسيطة أن يبكوا

تحطمنا الأيام.. حتى كأننا زجاج *** ولكن لا يعاد لنا سبك

فهذه الأبيات ربما تكون جميلة من الناحية اللغوية ولكنها تنكر البعث وتخالف أصلاً من أصول الاعتقاد ولذلك رفضها العلماء حتى رد عليه أحدهم بقوله:

كذبت ورب البيت.. حلفتَ صادق *** سيسبكها بعد النوى من له الملك

وترجع أجساماً صحاحاً سليمة *** تعارف في الفردوس ما عندنا شك

فكون القائل أديباً معروفاً، أو كون الكلام شعراً موزوناً.. فإن هذا لا يعني قبول الكلام دون أن أعرضه على الشريعة فأرى هل تقبله أو لا.. وقد يكون الكلام لا يعارض معتقداً.. ولكنه يحسن محرماً ويدعوا إليه ويحسن الفحشاء.. كقول الشاعر:

ما زلت أخذ روح الزق في لطف *** وأستبيح دماً من غير مجروح

حتى انثنيت ولي روحان في جسدي *** والزق منطرح جسم بلا روح

فالشاعر هنا يصف الخمر وشربها ببلاغة.. وتلاحظ بلاغة الشاعر وقوته وتحكمه في الكلمة والتعبير ولكن هذه البلاغة لا تعني قبول فكرته المخالفة للشرع.. بل نردها عليه.. فهما أمران في المنهجية إذاً:

  • ألا يحسن بدعة أو أمراً شركياً يعارض أصلاً من أصول الدين.
  • ألا يحسن فحشاً أو معصية. ويدخل ضمن ذلك من يشبب بالنساء ويصف محاسنهن بكلمات خادشة فتراه يصف الأثداء والأفخاذ وغير ذلك مما يخجل منه الأحرار والله المستعان.

–    ثانياً: قوة المعاني والمباني.. والمعاني تخدم في قوتها المنهج الذي ذكرناه.. والمباني هي من الأمور المتعلقة بالناحية الفنية للأدب.

قرأت لعدة شعراء قبل فترة قريبة كلاماً يصفونه بالشعر.. وكنت أتعجب حقيقة من هذا التصنيف الجارح للأدب والأدباء.. فعلى سبيل المثال:

وأكثف رغوة صابون الحلاقة.

إن الأدب الإسلامي لا يعنيني كمادة مستقلة.. بل يهمني لأنه جزء من منظومة تربوية تخدم الأمة ومصالحها وتربي أفرادها.. وإلا لو كنت أعنيه كمادة لاستطعت أن أضيف بعض الشعراء ممن يتغنون باسم الدين وينظمون الأبيات ثم تجد في النهاية أنها في مولد.. أو عند قبر.. تبكي صاحبه، وتتبرك به، وتندب يوم وفاته ثم ترفعه إلى منزلة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أو الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.

وكلمة “المثقفون العرب” أصبحت واسعة ودخل فيها من يكتب باسمها ليهدمها ضارباً بكل معاني الشرع عرض الحائط.. ولأن الكلمة لا تعني بالضرورة توحد المنهج فقد فتح هذا أبواباً من الانحراف خلف أفكار أخرى ومعتقدات أخرى لا تعنينا كمسلمين.. وأصبح المثقف المسلم يخجل من انتمائه إلى أمة التوحيد ويرى في طرح هذا العربي أو ذاك تميزاً يتمنى أن يواكبه.. دون أن يدرك أن هذا إنما يتكلم بمعتقده وأنه يخالفه في أصول الدين.

هناك أسماء أدبية لامعة تستحق منا الوقوف عندها ودراستها كأمثال “وليد الأعظمي” و “عصام العطار” و “باكثير” و “الكيلاني” وغيرهم من الأساتذة الأدباء والشعراء ممن حركت كلماتهم الشريعة فذبوا عنها في كل موطن.. وعرضوا لنا فكراً نقياً أصيلاً يرفه عن المسلم ويحمي عرضه من الفساد.

فهذه الأقلام ميزها أمران:

–            التوجه الصادق الموافق للشريعة.

–            القوة من حيث المعنى والمبنى والتحكم بمواد اللغة واستخداماتها.

إن ذلك الأديب الذي يقضي وقته ليكتب ديواناً يصف فيه عورات النساء إنما يحاول أن يهتك أستار بيوتنا ويفضح أخواتنا.. ولو وقفنا معه قليلاً لعرفنا أنه لا يكفيه منا إلا أن ننحرف.. وهذا منهج وصفه الله عزوجل في كتابه فقال “ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى.. حتى تتبع ملتهم”.. وهذا غاية مايريده الشهوانيون.. ولا أتوقع أن رجلاً غيوراً حتى لو لم يكن مسلماً يرضى أن يأتي شاعر أو كاتب فيصف عورة أخته وأهل بيته.. فما بالنا انجرفنا وخدعنا خلف هذا النوع من الكتاب.

إننا بحاجة للأديب المربي. والكاتب المربي.. الذي يكمل دور موظف الهيئة والمدرس والشيخ وعالم الذرة والمزارع والدهان.. كل واحد منهم يكمل المسيرة التربوية من خلال عمله ويأتي الأديب ليصوغ العبارة فتكون كما قال عليه الصلاة والسلام في شأن حسان وشعره “لهو أشد على القوم من نضح النبل” أو كما قال عليه الصلاة والسلام.

(الصورة بعدسة: بشرى محمد)