كان سراب

قبل ساعات رحل خالي (رحمه الله ورحم أبي وجدتي وموتانا) بعد غيبوبة استمرت لشهرين..

طوى برحيله عمراً من الغربة لم يعرف الاستقرار..

غصن ولد مقطوعاً وعاش حياة أشد انقطاعاً..

وهذه المرثية هي معارضة لمرثية كتبتها شقيقتي حفظها الله..

وهي شاعرة أفصح مني لساناً..

أترككم مع قصيدتي:

تــوارى أخـيــراً وكـان ســـراب.. وكان لـعـمـري مــحــض غـيـاب..

عـرفـت الـشـقـــاء يقيم بأرض.. وفـيـك أقـام الـشـقـا والــعـذاب..

تـــمــر كـطـيـف تـقـبـل أخـتــاً.. وتـمـضـي مـلامـاً تـجـر الـعـتاب..

نـعـم قـد رحـلت فرحماك ربي.. لـقـد كـنـت بـراً نـقـي الـثـيـاب..

هي الأرض ضاقت بأهل بلادك.. فـهـمـت كـطـيـر تضم السحاب..

وكنت الـمحيط وكنت المسافر.. وأنـت الـرمـال وأنـت الـــعـبـاب..

وأنت الــفــقــيــر وأنت الغريب.. كـوتـك اللـيـالـي بـجـمـر ونـاب..

فـتـلـك الـبـلاد رمـتـــك سنيناً.. ولـم تـرج مـنـك جـمـيـل المآب..

وهـذي الـبـلاد حـوتـك يـتـيماً.. لـتـسـقـيـك سـمـاً وتـحيا بغاب..

فـيـا خــــال أي رزق طـلـبـت.. وقد عشت تسكب ماء الشباب..

وكــم عــلــمــونا بـأنـك والـد.. تـحـن عـلـيـنـا وكـنـا غــــــضـاب..

فلا نحن فيك حفظنا الحقوق.. ولا نـحـن كـنـا كـرامـاً صــحــاب..

رحلت كما عشت جاراً خفيفاً.. تـجـود عـلـيـنـا ونـحـن الــذئاب..

إذا مـافـــــقـدنا الـرجـال فـإنـا.. فـقـدنـا الـطـموح وحزنا الصعاب..

فـيـارحـمـتـاه غـريـبـاً تـــوارى.. مضى في سكون فكان سراب..

سـلامـي لـقـبـر يـضـمك ميتاً.. وكـنـت بـقـبـرك قـبـل الـغـياب..

(الصورة بعدسة: ريان المنصور)

كتاب آت by Abdullah Ali is licensed under a Creative Commons Attribution-NonCommercial-NoDerivs 3.0 Unported License.
Permissions beyond the scope of this license may be available at www.aalsaad.com